مشرعة بحارالأنوار بين نقض الهدف، و فقد المنهج، و ضحالة النقد - الصفحه 309

ومهما كان عليه كلام الحجّة النائيني من الصحّة ، فإنّ في كلام صاحب المشرعة تعريضاً بالنائيني (رحمه الله) لكن ما معنى قوله: «خوف العاجز» ؟
فمن هو العاجز؟ وممّاذا يعجز؟ وماذا يخاف؟ وممّن يخاف؟
فإذا كان المراد بالعاجز من جمعوا بين الأخبار ، واحتاطوا لها ، ولم يستعجلوا في طرحها وإخراجها من الاعتبار ، فهم ليسوا إذن بعاجزين ، وإنّما كان أمرٌ الإسناد لهم سهلاً أن يضعّفوه بالرجوع إلى الكتب الرجاليّة المعتمدة ، لكن منهجهم ليس ذلك ، بل هم يحاولون فهمه مهما أمكن .
وأمّا الخوف ، فلم نجد له معنىً مناسباً ، إلاّ أن يكون الخوف من الإعراض
من كلام الرسول والأئمّة(عليهم السلام) وهو أمر مهمّ يعتني به العلماء لأنّ ردّ الحديث
منهيّ عنه محرّم شرعاً ، فلابدّ من الحذر منه لئلاّ تشمله جملة: «الرادّ علينا كالرادّ
على الله».
ثمّ إنّ المحقّق النائيني ـ بحكم كونه أُستاذ الأُصوليين في عصره ـ لابدّ أن يكون أبعد ما يكون من الحديث وخاصّةً الضعيف منه ، فإطلاقه لتلك الجملة دليلٌ على تقديسه للحديث وتكريمه له والتزامه به.
وكذلك ما نقله العلاّمة شيخ مشايخنا آقا بزرك الطهرانيّ ، عن شيخه الآخوند الخراساني عملاق الأُصول في عصره من أنّه سمعه على المنبر في درس الفقه ، عند البحث في أنّ العمل بالعام إنّما يجوز بعد الفحص عن المخصّص ، وكان يحثّ عامّة التلاميذ بالجدّ والاجتهاد والفحص التامّ إلى حصول اليأس ، إلى أن قال:
ولا يتمّ الاجتهاد والفحص عن المقيّد والمخصّص وسائر القرائن ـ في عصرنا هذاـ إلاّ بالرجوع إلى كتاب «مستدرك الوسائل» أيضاً .
هذا قوله على رؤوس الأشهاد. وكان عمله على ذلك ـ أيضاً ـ كما شاهدتُه ، عدّة ليال ـ بعد درس الليل ـ كنت أحضر داره في مجلس بحثه مع بعض خواصّ تلاميذه المجتهدين لتمرينهم على الاستنباط ، وتعليمهم الجواب عن الاستفتاءات ،

الصفحه من 336