مشرعة بحارالأنوار بين نقض الهدف، و فقد المنهج، و ضحالة النقد - الصفحه 311

الحديث توصّلا إلى التعبّد به متوقّف على إعتباره سنديّاً، بينما القضايا الاعتقادية، والموضوعات الخارجية لا يمكن التعبّد بها، لأنّها ليست من الأحكام الشرعيّة، فليس المراد منها هو التعبّد بمدلولها والتبعيّة للإمام فيها، وإنّما المطلوب الأساسي
منها هو القناعة والالتزام القلبي واليقين، وليس شيء من ذلك يحصل بالخبر الواحد حتّى لو صحّ سنده، وقيل بحجّيته واعتباره، لأنّه على هذا التقدير لايفيد العلم، وإنّما يعتبر للعمل فقط. نعم، إنّ حاجة العلماء إلى نقل ما روي من الأحاديث في أبواب الاُصول الاعتقادية، لمجرّد الاسترشاد بها، والوقوف من خلالها على أساليب الاستدلال والطرق القويمة المحكمة التي يتّبعها أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في الإقناع والتدليل على تلك الاُصول. ولا يفرّق في مثل هذا أن يكون الحديث المحتوي عليه صحيح السند أو ضعيفه، ما دام المحتوى وافياً بهذا الغرض وموصلا إلى الإقناع الفكري بالمضمون. وليس التشكيك في سند الحديث المحتوي على الإقناع مؤثّراً لرفع القناعة بما احتواه من الدليل. وكذا الموضوعات الخارجية، كالتواريخ وسنيّ الأعمار وأخبار السيرة، ليس فيها شيء يتعبّد به حتّى تأتي فيه المناقشة السنديّة، وإنّما هي اُمور ممكنة، يكفي - في الالتزام بها ونفي احتمال غيرها- ورود الخبر به. فلو لم يمنع من الالتزام بمحتوى الخبر الوارد أصل محكم، أو فرع ملتزم، ولم تترتّب على الالتزام به مخالفة واضحة، أو لم تقم على خلافه أدلّة معارضة، كفى الخبر الواحد في احتماله لكونه ممكناً. وإذا غلب على الظنّ وقوعه باعتبار كثرة ورود الأخبار به، أو توافرها، أو صدور مثل ذلك الخبر من أهله الخاصّين بعلمه، أو ما يماثل ذلك من القرائن والمناسبات المقارنة، كفى ذلك مقنعاً للالتزام به. وبما أنّ موضوع قسم الاُصول من الكافي، وخاصّةً الباب الذي أورد فيه الأحاديث الدالّة على «علم الأئمّة (عليهم السلام) بوقت موتهم وأنّ لهم الاختيار في ذلك» هو موضوع خارج عن مجال الأحكام والتعبّد بها، وليس الالتزام به منافياً لأصل

الصفحه من 336