نعم إذا ثبت كتابة الراوي وإملاء اللافظ عليه فهذا مقبول ، وأمّا ثبوت كلام اللافظ باحتمال الإملاء والكتابة في تلك الأزمنة ، ففيه تردّد. وكذا ثبوته باحتمال قوّة حفظ الراوي. (المشرعة 1 / 280).
يلاحظ على هذا الكلام كلّه:
أوّلا: إنّه اجتهادٌ في مقابل النصّ ، فإذا صحّت الأسانيد إلى نصٍّ منسوب إلى المعصوم (عليه السلام) قامت الحجّة ـ حسب منهج المؤلّف ـ بورود هذا النصّ ، سواء كان طويلا أم قصيراً ، وأمّا ذلك التساؤل ، وتلك الاحتمالات ، وذلك القطع بعدم وجود أدوات الكتابة ، فكلّها مردودة بأنّ الورود بهذا الشكل ، مع صحّة السند ، أثبت وجود الأدوات ، وأبطل تلك التساؤلات .
فمن أين له القطع بعدمها ؟!
ولو فتح على نفسه هذا الباب ، لأمكنه أن يحتمل خلاف كلّ ما ورد في النصّ ، وهذا لايقبل من عاقل متنبّه إلى ما يصدر من رأسه ؟
وأمّا قوله: إذ لم يكن الراوي بصدد ضبط الحديث في ذلك اليوم حتّى يهيئ القرطاس والدواة.
فالردّ عليه: أنّ الراوي قد كان بذلك الصدد ، والدليل على ذلك وقوعه الثابت بصحّة السند .
ومن أين علمتَ ـ ياصاحب المشرعة ـ إنّه لم يكن بذلك الصدد؟.
مع أنّ الثابت من ديدن الرواة والمحدّثين منذ عصور الرسالة التزامهم بكتابة الحديث ، وقد حثّ أهل البيت(عليهم السلام) أصحابهم على ذلك (فلاحظ تدوين السنّة الشريفة للجلالي ـ القسم الأوّل) وقاوموا بذلك الحكّام الذين منعوا عن كتابة الحديث وتدوينه.
وقد قاموا بكتابة القرآن بأفضل شكل ، ثمّ قام أصحاب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) بكتابة خطبه ، وحثّ الإمام نفسه كميل بن زياد النخعي على كتابة