المصطلح البلاغي : (الاستخدام) و تطبيقاته في التراث الإسلامي - الصفحه 105

أن يكون صريحاً واضحاً مفهوماً لأهل ذلك العصر حتّى تتحمّل العلل المذكورة أعلاه أعباء صعوبة فهم النصوص الواردة في الشريعة ، بل إنّه قد نقلتْ إلينا قصص تبيّن الإيهام والإبهام على أهل ذلك الزمان ، وتبيّن بصراحة عدم وضوح بعض ما صدر عن المشرّع (عليه السلام) لهم ، فتراهم يبادرون بالسؤال عن مقصوده (عليه السلام) ، وبمراجعة كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي; نقف على بعض تلك الموارد .
ولا يخفى أنّ لغة الشارع لابدّ أنْ تكون مفهومةً للناس، فضلاً عن المخاطبين; فمن الضروريّ وجود أساليب تجعل الكلام مفهوماً والمعنى المراد مدركاً لهم، وأنّ أحد الأساليب المتبعة عند أهل اللغة في تحديد المراد هو فنّ الاستخدام .
وقد أفردتُ هذا البحث لبيان حقيقته ومساحة تطبيقه في نصوص الشريعة المقدّسة كتاباً وسنّة. وقد قسّمت البحث إلى تمهيد وفصول.
أسأله سبحانه أن يتقبّل منّا هذا ، وأن يوفّقنا لمعرفة كلام النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله)وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) .

تمهيد

إنّ مصطلح الاستخدام يبحث عنه في علم البديع من علوم البلاغة في اللغة العربيّة ، وإنّ أصحاب الفنّ عرّفوا علم البديع بأنّه: «علم يُعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ورعاية وضوح الدلالة» .
و وجوه تحسين الكلام عند علماء البلاغة على ضربين :
الضرب الأوّل : الوجوه الراجعة إلى تحسين المعنى أوّلاً وبالذات ، وإن كان بعضها قد يفيد تحسين اللفظ ايضاً ، ومنها الاستخدام الذي هو موضوع بحثنا .
والوجوه الأخرى الراجعة إلى تحسين المعنى هي : المطابقة ، التناسب ـ أي مراعاة النظير ـ والإرصاد ، والمشاكلة ، والمزاوجة ، والتورية ، واللفّ والنشر ، والجمع مع التفريق والتقسيم ، والتجريد ، والمبالغة ، وحسن التعليل ، والتفريع ،

الصفحه من 142