المصطلح البلاغي : (الاستخدام) و تطبيقاته في التراث الإسلامي - الصفحه 112

ومشى عليها زكي الدين ابن أبي الإصبع .
ومثّل له بقوله تعالى : لِكُلِّ أَجَل كِتَابٌ * يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ فلفظ كِتَابٌ يحتمل الأجل المحتوم ، والكتاب المكتوب ، وقد توسّط بين لفظي أَجَل و يَمْحُوا فلفظة أَجَل تخدم المعنى الأوّل ، وهو الأجل المحتوم ، و لفظة يَمْحُوا تخدم المعنى الثاني ، وهو الكتاب المكتوب .
وذكر العريفين أيضاً السيّد نعمة الله الجزائري، قال : من صنائع البديع الاستخدام ، وله معنيان :
الأوّل : أن يراد من لفظ ـ له معنيان ـ أحدُهما ، ثمّ يراد بضميره الراجع إلى ذلك اللفظ معناه الآخرُ .
الثاني : أن يراد بأحد ضميري ذلك اللفظ أحدُ المعنيين ، ويراد بالضمير الآخر معناه الآخرُ .
وله قسم ثالث لم يذكره أهل البديع ، وذكره بعض المحقّقين من أهل هذه الصناعة ، وهو أن يؤتى بلفظ مشترك بين معنيين ، مقرون بقرينتين ، يستخدم كلٌّ منهما في معنىً من معاني تلك اللفظة ، كقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارى حَتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا۱ .
فقد استخدم سبحانه لفظ الصَّلاَةَ لمعنيين :
أحدهما «إقامة الصلاة» بقرينة قوله حَتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ .
والآخر «موضع الصلاة» بقرينة قوله : وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيل۲  .
أقول  : أما الأوّل: فهو المعنى المشهور بشكله الأوّل.

1.سورة النساء : ۴۳ .

2.(زهر الربيع) : ۳۴۹ .

الصفحه من 142