الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 114

بالنبيذ والسحتَ بالهدية والربا بالبيع ، وتحرّف الكتاب عن مواضعه ، وتغلب كلمة الضلال ، فكن جليس بيتك حتّى تقلدها ، فإذا قلّدتها جاشت عليك الصدور ، وقلّبت لك الاُمور ، فقاتل حينئذٍ على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله ، فليست حالهم الثانية بدون حالهم الاُولى» ، انتهى ما فيه الحاجة .
وفيه دلالة واضحة على ارتداد المقدّمين والمتقدّمين عليه وافتتانهم بزهرة الحياة الدنيا بعده من غير فصل ، وعلى أنّ تقدّمهم وتقديمهم ليس بمقرون لصلاح الدين ولالصلاح المسلمين ، بل هو مقرون بفساد أمر الشريعة واختلال نظام العالمين ، غاية الأمر هي اقتران سكونه بعد مبادرتهم إلى غصب حقّه بأمره ؛ لمصلحة هي إمّا حفظ نفسه وشيعته عن الهلاك لكثرة المنافقين وقلّة الأعوان من المؤمنين ، أو ظهور ما كان في أصلاب الأشقياء من أشياعه المتّقين ، أو قصد كمال ظهور نوره بتصرّف أضداده من الكافرين ، أو إرادة انتشار محامده وما ورد في فضله ، بعد سكون تلاطم الأعراض على ألسنة الجاحدين ، فيكون فيما صدر منه من الصبر واُمر به مع نهاية بطشه وقدرته رحمةٌ خاصّة للخواص المهتدين ، لا فضيلة للمتقدّمين ، حتّى يكون وسيلة لإكرامهم في شريعة خاتم النبيّين .
لا يقال : ما نقلته من الحديث يرشد إلى وجوب الجهاد مع المفتونين ، فلِمَ قعد عليه السلام عنه .
لأ نّا نقول : إنّ البيان الأخير بيّن وقت الجهاد كما بيّن زمان الافتتان ، فالافتتان بعده بلا فصل بدليل قوله : «اُمّتي ستفتتن بعدي فكن جليس بيتك» والجهاد بعد تقليد الأمر بدليل «فإذا قلدتها» الخ .
على أ نّا نقول : إنّ الجهاد الواجب أوّلا أعمّ من المقاتلة بالسيف التي أمر بها أخيرا ، وقد فعله وبذل جهده فيه على حسب ما رآه من المصلحة ، حتّى قلّد الخلافة وضاق عليه الأمر ، فأتى بما اُمر به ورأى فيه الصلاح ، فتأمّل تعرف .

الصفحه من 137