الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 115

ثمّ نقول : إنّ الحقّ هو أنّ الكراهة لم تكن إلاّ منهم وأنّ المصلحة المرعيّة لم يكن إلاّ صلاحهم . يدلّ على ذلك أنّ كبار المدينة وأشرافها كأبى ذر وسلمان ونظائرهما وقاطبة بني هاشم وطائفة من الأنصار كانوا موافقين له عليه السلام ، قائلين بتقدّمه على الكلّ ، متأخّرين عن بيعة من عداه ، مخاصمين له إلى مدّة متمادية ، كما يشهد به كتب الأخبار وما تحويه دفاتر أهل السير والآثار ، على ما فصّلناه في الكتاب الكبير في بيان بطلان الإجماع .
والجهّال من الأنصار وغيرهم من المستضعفين الذين هم أتباع كلّ ناعق ، لم يُنقل عن أحد منهم أ نّه امتنع عن إمامة إمام الهدى ولا أ نّه كره ذلك وأبى ، بل قد ثبت أ نّهم إنّما دخلوا في بيعة الأوّل كرها أو طوعا بجهالة وغفلة . يرشد إلى ذلك وإلى نهاية حمقهم الباعث لهم على عدولهم عنه عليه السلام اعتذارهم عنه عليه السلام بعد ظهور الأحقيّة ، وذكره لبعض ما ورد فيه بأ نّا لو سمعنا ذلك منك قبل البيعة لم نكن نبايع أبابكر ، وإنّما بايعناه لغفلتنا عمّا ذكرته ولزعمنا أ نّك تارك لهذا الأمر بعد الرسول صلى الله عليه و آله ، وأمّا بعد البيعة فلا يجوز لنا نقضها والعدول عنها ، نقل ذلك هذا الشارح في مواضع من كتابه .
وأمّا أهل البادية وسائر البلدان ، فمن المعلوم أ نّهم في كلّ عصر وزمان ينقادون لوصيّة صاحب الدولة ولا يعملون بغيرها ، وأ نّهم إنّما تبعوا الثلاثة لظنّهم أنّ الوصيّة بالخلافة إنّما صدرت فيهم ، ولذا لم يتّبعهم مَن عَلم بصدور الوصيّة في حقّه عليه السلام ، كمالك بن نويرة ؛ فإنّه لعلمه بالوصيّة أبى من تسليم الزكاة إلى غير من أوصي إليه ، حتّى اتُّهم بالارتداد ، وقُتل خدعة ، ونكح امرأته ، وأجبر قومه على الطاعة ، مع قوله بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، محمّد رسول اللّه .
نقل كلّ ذلك هذا الشارح ، ومع هذا تسمعه يقول في توجيه الآثار ما يقول !
وأمّا حديث الوصيّة ، فبعد الإقرار بثبوتها فلا ينبغي إنكار تعلّقها بالخلافة ؛ لأ نّا نقول : إنّ سنّة اللّه جرت من قبلُ بأن يكون الأوصياء هم الخلفاء ، وكذا وصيّ

الصفحه من 137