الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 117

كانوا يعدّونها من فضائله في نظمهم ونثرهم ؟ ! انتهى ، فتأمّل .
تنبيه آخر : لا ينبغي لك أن تستبعد من علماء الجمهور تعرّضهم لما ورد فيه من الآثار .
أمّا أوّلاً ، فلأنّ من فضل اللّه على من يشاء من عباده نشر مناقبه على لسان أحبّائه وأعدائه . ولو كان على وجه الإلجاء . لا سيّما إذا كان في انتشار محامده له غرض لا يتمّ إلاّ به ، فإنّه عند ذلك يجب عليه صرف قلوبهم إلى بيان مناقبه ونشر ما هو عليه ؛ لإكمال غرضه ، مع ما هم فيه وعليه من المعاندة والمخالفة ، وفيه دليل على نهاية الكمال وغاية الجلال .
وأمّا ثانيا ، فلأنّ فضائله المأثورة بلغت في الكثرة والانتشار مبلغا لم يمكنهم إخفاؤها بحيث لا يطّلع عليها أحد ، وما قدروا على إخفائه ، فقد أخفوه على قدر ما أطاقوه .
وأمّا ثالثا ، فلأنّ كلّ من تصدّى للرواية لم يكن ممّن يفهم دقائق الكلام ودلالته على المرام ، حتّى يفهم منافاة ما يرويه لمذهبه الذي يزعم أ نّه حقّ ويدّعيه ، فيجوز أن يعمل بقوله : «رحم اللّه امرءا سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ؛ فرُبّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه» وأن يروي ما ذكر من الروايات لقصور فهمه ، معتقدا أنّ ما يرويه يدلّ على فضيلته لا على فضله أو انحصار الحقّ فيه ، واعتقادُ ثبوت الفضيلة لأحد لا ينافي تجوّز فضل غيره وتقدّمه عليه .
وأمّا رابعا ، فلأنّ كلّ مَن يُعلم من الأخبار فضله ، لايجب أن يعرف قبح تقديم المفضول ؛ لتوقّف فهم ذلك على كمال العقل ، فيجوز أن يروي هذا الأخبار مع قوله بتقدّم الغير ، لاعتقاده جواز تقدّم المفضول .
وأمّا خامسا ، فلأنّ كلّ مَن يَعرف من الآثار مزيّته في الفضائل ويعتقد مع ذلك قبح تقديم المفضول ، لا يجب أن يقول بتقدّم الغير عليه بلا مرجّح؛ إذ يجوز أن

الصفحه من 137