الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 122

رواياته التي من جملتها ما رواه صاحب كتاب بشائر المصطفى عن يزيد بن قعبة ، قال : كنت جالسا مع العبّاس وفريقٍ من بني عبدالعزّى بإزاء بيت اللّه الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد ، وكانت حاملاً لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق ، فقالت : يا ربّ ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكُتُب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي الخليل وأ نّه بنى البيت العتيق ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت ، والمولود الذي في بطني ، إلاّ ما يسّرت عَلَيَّ ولادتي .
قال الراوي : فرأيت البيت انشقّ عن ظهره ودخلت فيه فاطمة وعاد البيت إلى حاله ، فرُمنا أن ينفتح قفل الباب لنا ، فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر اللّه ، ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أميرالمؤمنين ، ثمّ قالت : إنّي فُضّلت على من تقدّمني من النساء؛ لأنّ آسية عبدت اللّه سرّا في موضع لا يحبّ اللّه أن يعبد فيه إلاّ اضطرارا ، وأنّ مريم هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّى أكلت منها رطبا جنيّا ، وإنّي دخلت بيت اللّه وأكلت من ثمار الجنّة ، فلمّا أردت أن أخرج ، هتف بي هاتف : يا فاطمة ، سمّيه عليّا ، فهو عليّ ، واللّه العليّ الأعلى يقول : شققتُ اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، وأوقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، ويؤذّن فوق ظهر بيتي ، ويقدّسني ويمجّدني ، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه ، و ويل لمن أبغضه وعصاه .
قالت : فولدت عليّا ولرسول اللّه صلى الله عليه و آله ثلاثون سنة ، فأحبّه رسول اللّه حبّا شديدا وقال:«اجعلي مهده بقرب فراشي»، وكان يليأكثر تربيته،وكان يطهّره فيوقت غسله، ويُوجره اللبن عند شربه ، ويحرّك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويحمله على صدره ورقبته ، ويقول : «هذا أخي و وليّي وناصري وصفيّي وذخري وكهفي وصهري وزوج كريمتي وأميني على وصيّتي وخليفتي» . إنتهى ما فيه الحاجة .
وفيه . بَعد الدلالة على ما ذكر . دليل على طهارة أصله ونجابته ، فجدير أن يقال فيه :
في المهد ينطق عن سعادة جدّه اثر النجابة ساطع البرهان
وقد اعترف بأكثر ما يحويه لسان علماء الجمهور ، ولكن نقول : إنّه «لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور»۱.

1.سوره الحج ، الآية ۴۶ .

الصفحه من 137