الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 127

. أيضا . بقوله : يا عليّ ، إنّ شيعتك يخرجون من قبورهم يوم القيامة على أمانهم من العيوب والذنوب ، و وجوههم كالقمر ليلة البدر ، وقد خرجَتْ منهم الشدائد ، وسهلتْ عليهم الموارد ، واُعطوا الأمان والأمن ، فارتفعت عنهم الأحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، شراك نعالهم يتلألأ في عرصة القيامة ، وهم على نوق بيضٍ لها أجنحة قد ذلّلت من غير مهانة ، أعناقها من ذهب أحمر ألين من الحرير ، لكرامتهم على اللّه عزّ وجلّ .
وحينئذٍ ، فما روي عن الرضا عليه السلام ، ومحصّله : «إنّ المتمسّكين بالتشيّع ، المظهرين له ، الموسومين بالشيعة من الإماميّة ، ليسوا بأجمعهم عند اللّه ولا عند رسوله وأهل بيته من شيعة عليّ عليه السلام ، وإنّما شيعته نظائر أبي ذر وسلمان وأصحابهما ، وإنّ مَن عداهم من المجترئين على المعاصي ، فهم أحبّاؤه المعترفين بتقدّمه ، ولهم عند اللّه منزلة عظيمة» . بيانٌ للشيعة بالمعنى الأخصّ ، وهم الكاملون في التشيّع المتابعون له في الأفعال والأقوال ، وإيماءٌ إلى أنّ المحبّين لا ينبغي لهم . وإن كثر فضائلهم . أن يتسمّوا بهذا الاسم ؛ تشريفا له وتواضعا منهم وحذرا عمّا يستلزمه التسمّي به من التزكية المنهيّ عنها .
وأمّا التسمّي بالمحبّة فلا بأس به وإن كان من التزكية أيضا ، بدلالة ما ورد في المحبّين ، وما روي في وفور لطف اللّه بالنسبة إليهم ، وما روي من أنّ المحبّة لا تضرّ معها معصية ؛ لأنّ أصل المحبّة من الوجدانيّات التي يمكن الاطلاع عليها والعلم بها يقينا ، فمَن علمها في نفسه يجوز أن يفتخر بها ، ولا يجوز أن يدّعي رسوخها ، بل يجب أن يكون دائما متحذّرا عن الانخلاع عنها والموت على ما ينافيها ويزيل حكمها ، ملتمسا من اللّه سبحانه أن يبقيه عليها ولا يزيغ قلبه بعد
هدايته إليها . تعرف ذلك كلّه ممّا حقّقناه فيما سلف ، فلا نطيل الكلام بالإعادة ، فتأمّل تعرف .

الصفحه من 137