الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 129

ثمّ إنّ النبيّ الأمين قد شرّفهم بهذا الاسم الميمون ، ويبشّرهم بأنّ من مضى من الدنيا عليه من الأهوال مأمون ، ولعمري إنّ المتفحّص عن الآثار والباحث عن متون الأخبار ، لا يخفى عليه أنّ هذا الاسم كأصل مذهبهم من المتواترات عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، حتّى أنّ ابن أبى الحديد ، بعد الاطّلاع على فضل الشيعة وكثرة ذكره في الأخبار في مقام المدح والثناء ، حسد على صاحبه ، وطمع فيه حسدا على الإماميّة ، ولم يرض بكونهم موسومين بهذا الاسم ، فتعرّض لغصبه عنهم ، فغصب عنهم ما خصّهم اللّه به وقال : «والحقّ أنّ المقصود من الشيعة في الأخبار المتضافرة طائفةٌ من أهل السنّة ، وهم المعروفون بالاعتزال ؛ فإنّ محبّتهم لآل الرسول بيّنة ، ومتابعتهم لهم فيما ثبت عنهم واضحة» . انتهى جملة كلامة .
وفيه أنّ انتحال الاسم والصفة وبذل الجهد في إثبات اسم الشيعة وصفة المحبّة لا يكون بمجرّد القول ، بل يحتاج إلى العمل ، فمن يؤخّر عليّا عن رتبته الثابتة له ، كيف يجوز له أن يدّعي المحبّة حتّى يمكنه ادّعاء التشيّع ، ومرتبة الثاني . كما عرفت . أعلى من مرتبة الأوّل .
ولعمري ما ودّك من تولّى ضدّك ، ولا أحبّك من صوّب غاصبك ، ولا أكرمك مكرم من هضمك، ولا عظّمك معظّم من ظلمك، ولا أطاع اللّه فيك مفضّل أعاديك، ولا اهتدى إليك مضلّل مواليك ، النهار فاضح والمنار واضح . ولنعم ما قيل :

تودّ عدوّي ثمّ تزعم أنّني صديقك إنّ الرأي منك لعازب
ذكر ذلك محي الدين في فتوحاته ، ولا يمكن القدح فيه لوروده على قواعد
العقل والدين ، وانطباقه على ما يستفاد من خطاب سيّد المرسلين ؛ حيث إنّك لا تجد خبرا فيه تصريح أو إيماء منه صلى الله عليه و آله إلى خلافته وإمامته و ولايته إلاّ وتجد فيه قوله : «من أحبّه أحبّني ومن أبغضه أبغضنى» وهذا . كما أشرنا إليه سابقا . كالتصريح بأنّ مقدّمه من المحبّين ومؤخّره . كالمتقدّم عليه . من المبغضين ، والحمد للّه ربّ العالمين .

الصفحه من 137