الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 131

تنفر عنه طباع أهل الذوق والمعرفة ، لما روي عنه صلى الله عليه و آله : «حبّك للشيء يعمي ويصمّ» ، فقالوا : لمّا كان علي عليه السلام خليفة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله في المرتبة الرابعة في علم اللّه وعلم رسوله ، أمكن تنزيل ما ورد فيه من النصوص القابلة للتأويل على أ نّها بيان لكونه إماما بعد الثلاثة ، واستدلّوا على صحّة هذا التأويل بأ نّه لو لم يكن المراد ما ذكر لم ينعقد الإجماع على خلافة غيره ، ولم يقعد عليّ عليه السلام عن مطالبة حقّه مع نهاية شجاعته ، ولم يتقدّم عليه من أعان الرسول في إعلاء كلمته ، ولم يقدّم غيره عليه مَن بالغ في تربيّة الإسلام ، وبذل جهده في تقوية سيّد الأنام .
ونحن نقول بعون اللّه وحسن توفيقه :
أمّا نقوضهم ، فسخافتها أبين من أن يحتاج إلى بيان .
وأمّا تأويلهم،فمع أ نّه في نهاية البعد عن الأفهام ، وأنّ حمل الأخبار عليه يوجب أن يقال بصحّة التعمية والإلغاز عن سيّد العالمين في مقام بيان الحقّ المحتاج إليه الخلق كلّهم أجمعين،مدفوعٌ بأ نّه يلزم على هذا أن يكون تظلّمات الأمير وشكاياته عن تقديم الثلاثة وتقدّمهم . وهي أكثر من أن تحصى . واقعة في غير موقعها .
ولا يقول بذلك عاقل منصف راسخ في الدين ، لاسيّما بعد ما سمع حديث «الحقّ معه وهو مع الحقّ» عن سيّد المرسلين ، وبروايات عديدة ، منها : ما رواه ابن مردويه في مناقبه عن عائشة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال عند موته : «ادعوا لي حبيبى» ، فدعوت أبابكر ، فنظر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ثمّ وضع رأسه ، ثمّ قال : «ادعوا لي حبيبي» ، فقلت : «ويلكم ادعوا له عليّا ، فو اللّه ما يريد غيره!» ، فلمّا رأه فرّج الثوب الذي كان عليه ، ثمّ أدخله فيه ، فلم يزل يحتضنه حتّى قبض ويده عليه .
وهو مطابق لما رواه جماعة اُخرى من علمائهم ، منهم الطبري في كتاب الدلالة ، والدارقطني في صحيحه ، والسمعاني في فضائله ، وموفّق بن أحمد خطيب خوارزم في مناقبه ، عن عبداللّه بن عباس ، وعن أبى سعيد الخدري ، وعن عبداللّه بن حارث ، وعن عائشة ، إذ نقول كيف يجوّز العاقل أن يترك النبيّ صلى الله عليه و آله في

الصفحه من 137