الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 133

وكيف يفوّض اللّه فيه الأمر إلى غيره وهو الذي ما أهمل في شيء من الأمور الدنيويّة والاُخرويّة ، بل بيّن صغيرها وكبيرها ؟ وكيف يهمل في بيان محلّ الإمامة وهو واجب عليه لانتظام الشريعة وإتمام الغرض المقصود من البعثة ، والتقصير في تأدية الواجب مع القدرة عليها غير ملائم للحكمة ، بل دليل على السفه ؟ ! تعالى اللّه عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا .
وقد سئل عن بعض أئمّتنا . صلوات اللّه عليهم . جهة بطلان الاختيار من الاُمّة في أمر الإمامة فقال : «لأ نّا نظرنا في القرآن فرأينا أنّ اللّه يخبر عن كليمه المختار أ نّه اختار سبعين رجلاً للميقات ، فظهر خيانتهم وفسادهم في الدين ، حتّى أهلكهم اللّه جميعا» ۱ .
فإذا كان خيرة الكليم وهو معصوم باطلاً ، فكيف بخيرة غيره ؟ وهو كلام رزين متين لايأبى عنه إلاّ من انحرف عن الدين .
وأمّا تمسّكهم بقعوده عن مطالبة حقّه ، فهو لم يقعد عن ذلك اختيارا ، بل إنّما قعد بعد ما طالب حقّه مرارا ، حتّى خاف من القتل والمهانة ، وبعد ما بالغ مَن معه في مطالبة حقّه ، وحضروا يوم الجمعة في المسجد وهو على المنبر ، فأخبروه بما سمعوا من النبيّ صلى الله عليه و آله في حقّه وأفحموه حتّى عجز عن الجواب ، فقام إليه عمر وقال: «انزل يا لكع ؛ إذا كنتَ لا تقوم بحجّة فلِمَ أقمتَ نفسك في هذا المقام ؟ واللّه لقد
هممت أن أخلعها منك وأجعلها في سالم مولى حذيفة ! » ، ثمّ أخذ بيده وانطلق إلى منزله ، وبقوا ثلاثة أ يّام لايدخلون المسجد ، فلمّا كان الثالث جاءهم خالد وسالم ومعاذ ومعهم ألفان ، فخرجوا شاهرين سيوفهم ، يقدمهم عمر وهو يهدّد عليّا ، وأصحابه بالسيف وهم يعارضونه بسيف اللسان ، فعند ذلك قام سلمان وقال : اللّه أكبر، لقد سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : بينما أخي وابن عمّي جالس في المسجد في نفر من أصحابه إذ ثيب عليه ... يريدون قتله وقتل من معه ، فلستُ أشكّ إلاّ أ نّكم هم

1.بحار الأنوار ، ج ۲۳ ، ص ۶۸ ، حديث ۳ و ج ۵۲ ، ص ۸۵ ، حديث ۱ .

الصفحه من 137