الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 135

من المنافقين في عصره صلى الله عليه و آله وفي معسكره يوم نزول الآية ، فهي لا تشملهم قطعا وتشمل عليّا وأتباعه المعروفين ، كأبيذر وسلمان ونظائرهما يقينا ، فعلى مَن يدّعي شمولَها للخلفاء وخروجَهم من المنافقين البيانُ ، ولنا المنع ۱ على ما يزعمونه من الدليل والبرهان ، على أ نّا نقول : آثارهم المشهورة و وقائعهم المسطورة من غصب حقّ فاطمة ، وخرق كتابها ، والأمر بإحضار عليّ عليه السلام بأعنف عنف ، وإحضار النار لإحراق الدار وفيها بنت الرسول المختار ، وإيذاء الحسنين ، وغير ذلك من الفضائح المسلّمة التي يدّعون أ نّها مغتفرة لهم ، يدلّ على سوء حالهم وكونهم من الكاتمين لعداوة أهل بيت الرسالة إلى زمان ، أو على ارتدادهم بعد غيبة النبيّ صلى الله عليه و آله ، وقد ورد أ نّه سيكون في هذه الاُمّة ما كان فيهم حذو النعل بالنعل ، رواه غير واحد من علمائهم فلا وجه للسماجة في تعميم الآية على وجه يشملهم ، ولا في إثبات الوجاهة لهم .
ثمّ إنّهم ربّما يتمسّكون بتقدّم أبي بكر للصلاة فيجب تقديمه للإمامة ، مع أنّ الثابت عند أكثر علمائهم أنّ التقدّم إنّما وقع بأمر بنته ، ولذا خرج النبيّ صلى الله عليه و آله متّكئا على عليّ وعبّاس ، وأخّره وصلّى مع القوم لنهاية ضعفه جالسا .
والثابت عند البعض الآخر أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر بتقدّمه ، ولكن عزله وتقدّم للصلاة بعد خروجه صلى الله عليه و آله .
ونحن نقول : إنّ فيما صدر منه صلى الله عليه و آله دلالة وتنبيه جديد على عدم أهليّته لإمامة الجماعة ، فضلاً عن الإمامة العامّة ، بعد التنبيه على أ نّه ليس بأهل لتبليغ سورة من القرآن إلى أهل مكّة، فضلاً عن أن يبلّغ معاني القرآن المشتملة على ما لا يتناهي من الأحكام إلى جميع الاُمّة وقاطبة أفراد الأنام ، وبعد الدلالة على أهليّة عليّ عليه السلام لذلك ، ولما هو أعمّ منه بقوله : «إنّ اللّه تعالى يقول : لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو من هو منك ، وعليّ منّي وأنا من عليّ ، ولايؤدّي عنّي إلاّ هو» وذلك كلّه من المتواترات .
ونحن نقول : لو سلّم أ نّه قدّمه ولم يعزله ، بل اقتدى به ، كما قال به شرذمة من

1.أي لا نكتفي بالمنع ، بل نستدلّ بما علم من آثارهم على خروجهم من الآية ، ثمّ ننزل عن ذلك ونسلّم دخولهم فيها ونقول : إنّ الرضا مشروط بسلامة الخاتمة ؛ هذا ، مع أنّ تحقّق الرضا من جهة البيعة لا يستلزم الرضا من جميع الوجوه، والوصف بالإيمان لايستلزم تحققه واقعا، لقوله تعالى: «يا أ يّها الذين آمَنوا آمِنوا» فتأمّل، (منه).

الصفحه من 137