الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 136

أهل الجدال ، لا يدلّ ذلك على أهليّته لإمامة العامّة ، لأنّ الصلاة عندكم تجوز خلف كلّ برّ وفاجر ، ولا يصلح للإمامة العامّة إلاّ من هو متّصف بالعدالة إجماعا ، أو من هو متّصف بالعصمة بدلالة الأدلّة العقليّة والنقليّة وإجماع الإماميّة ، المقترن بتصديق أصحاب آية التطهير ، كما فصّلناه في الفوائد المرتضويّة .
ثمّ إنّ جماعةً منهم قد تمسّكوا ببعض الأخبار التي ينقلونها فيهم،وهي بحمداللّه لم تبلغ حدّ الكثرة والقوّة ، حتّى يمكن القول بأ نّها معارضة لما نقل في عليّ عليه السلام ، بل لم تبلغ مرتبة يمكن أن يميل إليها منصف، لاقتران متونها بقرائن الكذب والوضع، ومعارضتها بما يضادّها ويناقضها ، ومع ذلك كلّه نقول : إنّها مخصوصة بهم غير واردة عندنا ولا عند جميع من ينتسب إلى السنّة والجماعة ، ونحن لا نعتمد عليها بوجه من الوجوه ، وكيف يجوز الاعتماد عليها وعلى ما ينبئ عن وجود منقصة في أهل بيت العصمة لعاقل ، ورواتها غالبا ۱ . كما فصّلناه في كتابنا الكبير . من

1.بل دائما ، فإنّهم إنّما يروون ما يروون من ذلك ، من الذين مالوا إلى الدنيا وزخارفها ، ودخلوا في دولة بني اُميّة وولايتهم ، و رووا لهم ما أحبّوا ، حتّى وصلوا إلى جوائزهم؛ فمنهم من سبّ عليّا وحاربه ، ومنهم من اعتزل عن بيعته ورغب إلى محاربته ، ومنهم من جدل الحسين عليه السلام أحد الثقلين ، ومنهم من حاربه وشهد قتاله ، فهم إمّا كفرة أو ظلمة. قال ابن البيّع في معرفة اُصول الحديث : احتجّ البخاري بأكثر من مائة رجل من المجهولين ، وقد صحّ عند العلماء أ نّه روى عن ألف ومأتي رجل من الخوارج ، قال : وحبسه قاضي بخاره لمّا قال له : لِمَ رويت عن الخوارج ؟ فقال : لأ نّهم لا يكذِبون ؛ وقد أجاب بهذا ابن حنبل لمّا قال له : لِمَ سمّيت كتابك صحيحا وأكثرُ رواته من الخوارج؟ أقول : ومن العجيب أنّ رواتهم على زعمهم كفرة أو فسقة ؛ لأ نّهم بين من حارب عثمان وقتله أو خذله ! وأعجب من هذا جمعهم بين إمامته وحسن الثناء على قاتليه والرواية منهم ، وجمعهم بين إمامة عليّ عليه السلام وبين حبّ من سبّه وحاربه والرواية عنهم والوثوق بهم! قال عبداللّه الهروي في كتاب الاعتقاد : الصحابة كلّهم عدول ونساؤهم ، فمن تكلّم فيهم بتهمة أو تكذيب ، فقد توثب على الإسلام. وقال الغزالي في الأصل التاسع من الإحياء : اعتقاد أهل السنّة بتزكية جميع الصحابة ، وحينئذٍ نقول : بعدا لقوم زكّوا من أخبر اللّه تعالى نبيّه بنفاقه وسوء حاله ، وأخبر نبيّه صلى الله عليه و آله بشقاوته وكفره؛ وقد روي عندهم أنّ المنافقين كانوا كثيرين في عهده صلى الله عليه و آله وبعده ، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «إنّ حذيفة يعرفهم» وإنّ عمر كان يحلفه ويسأله عن حاله ويقول له : أنشدك باللّه ، هل تعرفني منهم ؟ وكان يجيبه بأنّك أعرف بذلك منّي ، فتأمّل تعرف حقيقة حالهم وكيفيّة أمر رؤسائهم ، ولا تكن من الغافلين! لا يقال : «إنّهم زكّوا الصحابة لعدم علمهم بأعيان المنافقين» ؛ لأ نّا نقول : إنّ البصير الناظر في الأخبار يعلم يقينا أ نّهم كانوا يعرفونهم بأعيانهم؛ كيف لا وقد ثبت عندهم بالحديث المتواتر أنّ علامة المنافق بغض عليّ عليه السلام والانحراف عنه ، وهم كانوا يعرفون بغض عائشة وأنس وأبي هريرة و المغيرة وأمثالهم ، ومع ذلك كانوا يزكّونهم ويروون عنهم ويثقون بهم ، فلا تغفل ، (منه) .

الصفحه من 137