الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 48

ليسكت عنه ويترك الانتقام منه ، أو مخادعة مع أتباعه اللاعنين للغاصب ولمن تبعه ، كقولك لمن يلومك على صداقة ظالم ويلعنه على غصب مال أحد : لا تلعنه ولا تلمني؛ فإنّ ما أخذه وغصبه يليق به لا بمن كان عنده .
ولا يخفى أنّ أمثال هذه المزخرفات ممّا لا ينفع عند العدل الحكيم الذي ألزم نفسه أن لا يستحيي من الحقّ ، وأن يكون لبالمرصاد ، وأن لا يضيع عنده حقّ ذي حقّ ، ولا يتسامح في مظالم العباد ؛ كيف وما صدر منهم لا يقتضي مجرّد تضييع حقّ الخليفة ، بل يقتضي هلاك الاُمّة وضلال أكثر الخليقة .
وبالجملة ، لا معنى لخليفة رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلاّ من يقوم مقامه فيما هو له وعليه ، ولا يتصوّر منها إلاّ من أقامه رسول اللّه صلى الله عليه و آله مقام نفسه ، لإتمام أمره ، بل من أقامه اللّه مقامه لتكميل غرضه .
وحينئذ ، فيعتبر فيه ما يعتبر فيه ، ويجوز له ما يجوز له ، ويقبح عليه ما هو قبيح عليه ؛ فكما لا يجوز أن يتصدّى أحدٌ لمنصب الرسول صلى الله عليه و آله ويقول : «إنّ شأنه أجلّ من أن يقوم بذلك الأمر» ، لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك بخليفته القائم في مقامه .
والقول بأنّ الخلافة كما تنعقد بالاستخلاف تنعقد بالإجماع المصون عن الخطأ . ويجوز أن يتعلّق ذلك الإجماع بخلافة من هو أدنى من غيره ؛ لما ذكر من العلّة . فممّا لايخفى فساده ، وسيأتيك ما يزيده بيانا ويفيده إيضاحا ، فتأمّل .
تنبيه : ربّما يقدح في الرواية من لا معرفة له ، بأنّ القول بصحّتها يستلزم القول بثبوت خاصّة الربّ تعالى له وهي ما يرشد إليه قوله «وَ لَوْ أَنَّمَا فِى الاْءَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ»۱ الآية .
والجواب هو أنّ التفاوت بين المدلولين واضح جدّا ، فإنّ الغياض جمع الغَيضة . بالفتح . ، وهي الأَجَمَة ومجتمع الشجر في مغيض ماء أو خاصّ

1.سورة لقمان ، الآية ۲۷ .

الصفحه من 137