الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 52

وثالثها : أنّ الحكيم تعالى شأنه منزّه عن القبيح ، فلا يجوز عليه أن يوجب محبّة واحدٍ بعينه ، إذا كان غير مأمون ولا متّصف بالعصمة ، للزوم الإغراء وقبحه ، كقبح إيجاب محبّته من حيث صدور الفسق أيضا ، وهو اللازم من إيجاب حبّه مطلقا ، وهو واضح ، فيجب أن يكون عليّ عليه السلام معصوما ، للإخبار بوجوب حبّه مطلقا ، والدلالة على أ نّه محبوب للّه ولرسوله وملائكته جميعا .
ويلزم من عصمته وجوب تقدّمه وتقديمه ، إذ مع المعصوم لا تصلح الإمامة لمن جُهِل حاله ، فضلاً عمّن عُلِم ضلاله قطعا .
تنبيه : لا يقال : يلزم من صحّة هذه الأخبار ونظائرها تخصيص العمومات الدالّة على تعلّق التكليف بعامّة الخلق ، المقتضي لترتّب العقاب على تقدير المخالفة ، ويلزم طرح بعض الآثار المصرّحة بأنّ العاصي من أهل الولاية يعذّب بالنار ، ويلزم من هذا كلّه إغراء الفرقة الناجية على ارتكاب القبائح .
لأنّا نقول : هذه الأخبار مع صحّة سند أكثرها ، متواترة بين الفريقين ، فلا مجال لإنكارها، ولا طريق إلى ردّها ، ولا يلزم من قبولها شيء من اللوازم المذكورة .
إذ نقول : إنّ العمل بالعمومات والخصوصات إنّما يقتضي القول باستحقاق مرتكب المعاصي للعذاب ولو كان من أهل الولاية ، وذلك لاينافي العمل بهذه الروايات الدالّة على تحتّم الشفاعة ، وسقوطِ العقاب المستحقّ بها عن قاطبة الموالين ببركة الولاية .
وقد ورد عنه صلى الله عليه و آله أ نّه قال : من لم يؤمن بشفاعتي ، فلا أناله اللّه شفاعتي ۱ .
و ورد أيضا عن الأئمّة عليهم السلام في قوله : «ولسوف يعطيك ربّك فترضى»۲ أ نّه لايرضى بدخول واحد من شيعتنا في النار .

1.الاعتقادات ، ص ۶۶ ، بحار الانوار ، ج ۸ ، ص ۵۸ .

2.سورة الضحى ، الآية ۵ .

الصفحه من 137