الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 53

و ورد في قوله: «ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى»۱ إنّ شفاعتنا إنّما تكون لمن ارتضى ولاية أميرالمؤمنين والأئمّة من ولده ، أو ارتضى اللّه دينه ، وهو لا يرتضي إلاّ بولاية الأئمّة .
وإذا جاز شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض ، ودلّ على وقوعها الأدلّة القطعيّة ، فلا يستبعد شفاعة أهل بيت العصمة والرسالة لمواليهم المعترفين بولايتهم كافّة ، إلاّ من ختم اللّه على قلبه وجعل على بصره غشاوة .
والحاصل : إنّ القول بنجاة أهل الولاية بشفاعة ولاة الأمر بهذه الأخبار لا ينافي العمل بما ذكر من العمومات والخصوصات .
ولا يلزم من القول بتحتّم الشفاعة لهم الإغراءُ على القبيح ؛ إذ قد ثبت عندنا أنّ الشفاعة إنّما تكون عند قيام الساعة ، فهي إنّما تنفع للخلاص من النار ، وأمّا قبل قيامها ، فعذاب البرزخ ثابت لا مهرب عنه لأحد ، فيجب الاحتراز عن العقبات والعقوبات الموعودة بعد الممات بملازمة الحسنات . يدلّ على ذلك ما روي عن الصادقين عليهم السلام : إنّا نخاف عليكم قبل الساعة ، وأمّا عندها وبعد الوصول إلينا ، فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون .
هذا ، والتحقيق أن يقال في هذا المقام : إنّ لمظهري المحبّة والولاية بحسب اختلاف حالهم في الاستضاءة بأنوار اللّه ، وتفاوت أمرهم في الاجتهاد والتقليد ، وسعيهم في الطاعة وترك المعصية حالاتٌ متفاوتة ومراتب متباعدة : فبعض يبقى ويثبت عند موته لكماله في الإيمان، وسعيه في ملازمة مسلك الإحسان، و وصوله إلى رتبة اليقين ومرتبة المتّقين ، ودخوله في جملة المؤمنين وزمرة المحسنين ، على ما هو عليه من القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وهو الولاية المحكمة الراسخة الموجبة للسعادة الأبديّة .

1.سورة الأنبياء ، الآية ۲۸ .

الصفحه من 137