الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 54

وبعض يرتحل . لنهاية تفريطه في تكميل الإيمان وغاية إفراطه في اقتراف صنوف العصيان . منحرفا عمّا هو عليه من الولاية المستودعة والعقائد الحقّة المستعارة ، وهذا هو الشقاوة السرمديّة .
وبعض يموت لتقصيره فيهما أو في أحدهما متزلزلا في إيمانه شاكّا فيأمر دينه ، وله مراتب ، فمن كان كاملاً في حياته ، راسخا في الولاية عند موته ، لا يضرّه ما صدر عنه من المعاصي ، بغلبة النفس والشياطين في القيامة قطعا ، وإن كانت معاصيه أضعاف حسناته ، لا لأ نّه يغفر بالشفاعة ، بل لأ نّه ببركة رسوخه في الولاية والإيمان لا يرتكب ذنبا إلاّ ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال النبي صلى الله عليه و آله : كفى بالندم توبةً .
ولو اتّفق خروجه من الدنيا بلا ندمٍ وتوبة ، يُمحى منه أثر الذنوب بمصادفة بعض أهوال البرزخ، ويأتي يوم القيامة ولا ذنب له ، فيدخل الجنة ببركة أوليائه بلا مهلة ؛ لأ نّه حينئذ ، كما روي ، مندرج في المحسنين ، وقد نزل فيهم أ نّه ما عليهم من سبيل ، وما ورد . من أنّ المؤمن يمرّ على الصراط كالبرق الخاطف ، و أنّ النار تقول له : «عجّلْ فإنّ نورك يطفئ ناري» ، وأ نّه يدخل الجنّة بغير حساب . إشارةٌ إلى هذين القسمين .
ومن كان مُفَرِّطا في حياته منحرفا في مماته لا تنفعه حسناته وإن كانت أضعاف سيّئاته ، وهؤلاء من الذين قال اللّه فيهم : «فما تنفعهم شفاعة الشافعين» 1 و ورد فيهم : إنّهم لايستقرّون على الصراط ، بل يقعون في النار عند مرورهم عليه ، ويخلّدون فيها ؛ لخروجهم من الدنيا وليس عليهم أثر الولاية والإيمان .
ومن كان مقصّرا في حياته متزلزلاً في حال وفاته يعذَّب في البرزخ على أظهر الاحتمالين ، وفي القيامة يمكن أن تدركه رحمة إلهيّة وشفاعة نبويّة ينجو بها من أليم عذاب اللّه ، وهم الذين قال اللّه تعالى فيهم : «مرجون لأمر اللّه إمّا يعذّبهم وإمّا

1.سورة المدّثر ، الآية ۴۸ .

الصفحه من 137