الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 70

من يتّصف بها وهو عالم باتّصافه .
إمّا لأ نّه عالم بأنّ اللّه وفّقه لها وأنعم بها عليه ، والتحدّث بالنعمة واجب ، لقوله : «وأمّا بنعمة ربّك فحدّث»۱.
وإمّا لأ نّه مطاع يجب اتّباعه من اللّه ، ولا يحصل المتابعة الواجبة إلاّ بتمدّحه وذلك كتمدّح يوسف عليه السلام بقوله : «اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم»۲ حيث لم يتمدّح بهذا المدح العظيم إلاّ بعد علمه بقدرته على تنظيم اُمور الخلائق بإقدار اللّه تعالى ، وبعد العلم بأنّ انتفاع الناس به و متابعتهم له و تمكينهم إيّاه في الحقّ الذي جعله اللّه له متوقّف على تمدّحه ، وبدونه يقع الناس في الضلالة والتهلكة .
وكتمدّح بعض علمائنا بقوله : «قال الشيخ الصدوق الفقيه على أظهر الاحتمالين» . فإنّه لم يقل ذلك إلاّ بعد ما علم أنّ إرشاده واسترشاد القوم به وعملهم بفتياه وبكتابه الذي كتبه للعمل به أمرٌ واجبٌ يتوقّف على تعريفهم نفسه وإخبارهم عنها ، بما هو ثابت لها في الواقع من الفقاهة ، وكونه شيخا في الفتوى ، وكونه صدوقا في الأحكام بدعاء الإمام عليه السلام .
والحاصل ، أنّ التمدّح بالكمال قد يكون من الكمال ؛ إذا قصد به التحدّث بنعمة اللّه أو إقامة حكم من أحكام اللّه .
إذا تمهّد هذا نقول : إنّ ما صدر عن مولانا الأمير عليه السلام في هذه الواقعة وغيرها من التمدّحات . كتمدّح النبيّ صلى الله عليه و آله بقوله : «أنا سيّد ولد آدم» وكتمدّح الأئمّة بقولهم «نحن أسماء اللّه الحسنى» وغير ذلك ممّا لا يقُدَر على عدّه وإحصائه ، أداءٌ لما هو الواجب عليهم في مقام التحدّث وفي مقام مطالبة الحقّ وبيان الأوّليّة ومدافعة أصحاب اللجاج بنوع من الاحتجاج ، وفي مقام الإرشاد والإعانة على ما هو وظيفة

1.سورة الضحى ، الآية ۱۱ .

2.سورة يوسف ، الآية ۵۵ .

الصفحه من 137