الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 85

وحينئذ نقول : إنّما حكم صلى الله عليه و آله بكون عليّ سيّدا للأبرار مع أ نّه سيّد الكلّ ؛ إيماءً إلى أ نّهم ينتفعون به دون غيرهم ممّن قدّم أو تقدّم عليه ، على وتيرة قوله : «هدىً للمتّقين» .
وإنّما لم يحكم بكونه سيّدا للأبرار كما حكم له لوجهين : أحدهما دفع توهّم اتّحاد الأبرارين والإيماء إلى عموم سيادته بالنسبة إليه ، لكونه من اُمّته ، وكونُه من الأبرار بيّن لا يحتاج إلى بيان .
وثانيهما للإشارة إلى شرف من يطيعه و يقول بسيادته وكونِه من أهل الجنّة يقينا ، بعيدا عن النار قطعا ، دون من يقرّ بنبوّته وسيادته مطلقا؛ فإنّ فيهم من ينكر الولاية وهو خالد في النار .
وبالجملة ، فالخبر نصّ صريح في إمامته وخلافته بعد النبيّ صلى الله عليه و آله من غير فصل .
أمّا أوّلا ، فلأنّ تقديم غيره لا يجامع سيادته للكلّ .
وأمّا ثانيا ، فلأنّ من يصون التمسّك به عن الضلال معصوم لامحالة ، فيجب تقديمه .
وأمّا ثالثا ، فلأنّ الخبر وارد في مساق الأمر ، فيكون التمسّك به دائما واجبا ، فلا يجوز التمسّك بغيره و تقدّمه عليه .
وأمّا رابعا ، فلأنّ من يجب حبّه وإكرامه على طريقة حبّ النبيّ وإكرامه ، لا يجوز التقدّم والتقديم عليه .
وحمل قوله : «فأحبّوه بحبّي» الخ ، على أنّ المراد إيجاب محبّته بسبب حبّ النبيّ صلى الله عليه و آله إيّاه وإيجاب إكرامه بسبب إكرامه له ، مع أ نّه كاف في المطلوب ، يأبى عنه التفريع بالفاء ، كما لايخفى على الذوق السليم .
وقوله : «فإنّ جبرئيل» الخ ، يدلّ على أنّ عصمته و لزوم مودّته واتّباعه من الأمور المنزلة على النبيّ صلى الله عليه و آله ، لا من الأمور الثابتة له بسبب ميله إليه وحبّه له

الصفحه من 137