ترجمة السيّد عبد اللّه‏ شبَّر - الصفحه 505

إمّا من ذي سلطان يُسخّره اللّه لهم، أو ذي مروءة وأهل خير يُلقي اللّه في قلبه قضاء مهمّاتهم؛ لئلاّ يحصل الإخلال له باللطف العظيم، ويتعطّل السلوك إلى النهج القويم ، ولم يبرز عنهم من المصنّفات في الزمان الطويل إلاّ القليل. وكان سيّدنا المذكور قاطع النظر من ۱ جميع البشر ليس له طمع فيما عندهم، ومع ذلك كان في سعةٍ من الحال قد بلغ بها الغاية وتجاوز النهاية، وبرزت له تصانيف لا تحصى ، وهذه من كراماته.
ولقد اجتمع معه بعض العلماء، وكان السيّد آخذاً في قراءة الفاتحة للشيخ المفيد وشيخه ابن قولويه، فقال له ذلك العالم: يا سيّدنا، إنّي اُريد أن أسألك عن مسألتين : عن أمر المعيشة، وسرعة التصنيف ؟ فأجابه السيّد بأنّ أمر المعيشة موكول على اللّه عزّ وجلّ، وأمّا سرعة التصنيف فإنّي قد رأيت الإمام سيّد الشهداء أبا عبد اللّه الحسين عليه السلام في عالم الرؤيا، فقال لي: اكتب وصنّف ؛ فإنّه لا يجفّ قلمك حتّى تموت ۲ . وهذا طيف صحيح؛ لأنّه ورد عنهم عليهم السلام أنّه : من رآنا فقد رآنا ؛ فإنّ الشيطان لا يتمثّل بنا ۳ . وورد عنهم عليهم السلام : أنّ الطيف الصادق جزء من سبعين جزء من النبوّة ۴ . وكان الأمر كذلك ؛ فإنّه رحمه الله إلى مرض موته كان يكتب و يصنّف.
وأمّا شكله فقد كان رَبعةً من الرجال في القامة، وكان بديناً سميناً، ووجهه كأنّه فلقة قمر بهيّ المنظر، وشعر كريمته كأنّه سواد السَّبَج، إذا نظر الناظر إلى وجهه وسمع عذوبة لفظه لم تسمح نفسه بمفارقته، وتسلّى عن كلّ شيء بمخاطبته، وأيمُ اللّه إنّه

1.«ش» : «عن».

2.نقل هذه الرؤيا النوري في دار السلام (ج ۲، ص ۲۵۰) بنحو آخر، ولعلّه مختلفان؛ قال: وحدّثني [المولى علي بن ميرزا خليل الطهراني] أجزل اللّه له الحسنى ، أنّ الشيخ الأقدم المعظّم المكرّم ، قدوة المحقّقين وعمدة المدقّقين الشيخ أسد اللّه الكاظميني ـ أعلى اللّه مقامه ـ دخل على العالم المؤيّد، السيّد السند والركن المعتمد جناب السيّد عبد اللّه شبّر الكاظميني، فتعجّب من كثرة تصانيفه وقلّة تصانيف نفسه مع ما كان عليه من الفهم والدقّة والاطلاع والاستقامة بما لا مزيد عليه، فسأله عن سرّ ذلك؟ فقال رحمه الله : أمّا كثرة مؤلّفاتي فمن توجّه الإمام الهمام موسى بن جعفر عليهماالسلام؛ فإنّي رأيته في المنام فأعطاني قلما وقال: اكتب. فمن ذلك الوقت وفّقت لذلك، فكلّ ما برز منّي فمن بركة هذا القلم.

3.انظر : دار السلام ، ج ۴، ص ۲۷۲ وما بعدها.

4.أورده عن مصادر النوري في دار السلام ، ج ۱، ص ۱۸ ـ ۱۹.

الصفحه من 521