التحفة العلويّة - الصفحه 210

التدويني ، مقابل للنور الأبيض في التكويني ، والمشيّة في الآفاقي ، و اُمّ الرأس في الأنفسي ؛ ألا ترى ما اشتهر بين أطفال الكتب ـ وإن كانوا لا يعلمون هم و لا معلّمهم ـ حيث يقولون باللغة الفارسيّة : «ألف» يعني : «ا ، چيزى ندارد» يعني : إنّه عار عن كلّ قيد وتقيّد : من حركة وسكون وإعراب وبناء ورخوة وشدّة وإمالة ۱ وإشمام ۲ وإخفاء وإظهار وإدغام وقلب وغير ذلك ، حتّى من التظنّي ۳ والتلفّظ ؛ فإنّ مايتلفّظ به فإنّما هو اسم «ا» يعني ألف إذن مسمّاه ، وقد بيّن ذلك في محلّه ؛ وهل علمت من أنّ البياض هل هو لون كما حسبه جمع من جهّال المتكلّمين و الحكماء ، أو أنّه عدم لون وخلوّ عن كلّ لون كما أنّه عند أهل الحقّ محققّ؟!
وهل فهمت أنّ التركيب والتأليف في بدن الإنسان موجود على اختلاف أجزائه إلاّ اُمّ الرأس وهو الهامّة ، ۴ وإن كان التركيب في ظاهره أكثر من أجزاء البدن كما أنّ عند أهل التشريح مشرّح ولديهم مصرّح؟!
وهل عرفت وجه تمكّن القوّة الغريزيّة فيه وطبعيّة الحرارة عليه؟! و هل عرفت وجه صدور كلّ إرادة واختيار منه؟!
هذا ، وكذلك الباء في التدويني مقابل للنور الأصغر في الحروف ، ومنه ظهرت الموجودات والعقل الكلّي في الآفاقي ، و مبدأ الرِّجل اليمنى من الأنفسي ؛ ألا ترى إلى أنّ الباء أوّل تعيّن في الحروف ، ومنه ظهرت الموجودات والعقل الكلّي؟! كذلك فيه رأس الأيسيّات ، والرِّجل اليمنى منه النطفة في ولادة المتولّدات .
وكذلك الجيم في التدويني مقابل للنور الأخضر في التكويني ، والنفس الكلّيّ

1.الإمالة : من الأمل ، يقال لتطنيب الحرف في القراءة . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۲۷ .

2.إشمام الحرف : بأن تشمّه الضمّة أو الكسرة ، وهو أقلّ من رَوْم الحركة ؛ لأنّه لايسمع وإنّما يتبيّن بحركة الشفة ، والحرف الذي فيه الإشمام ساكن أو كالساكن . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۳۲۶ ؛ مجمع البحرين ، ج ۶ ، ص ۱۰۰ .

3.كذا . والتظنّي : التحرّي ، وهو من التظنّن . العين ، ج ۸ ، ص ۱۵۲ .

4.الهامّة ، يقال لرأس كلّ شيء أو وسط الرأس أو فرقه . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۶۳۴ .

الصفحه من 230