التحفة العلويّة - الصفحه 212

ظهور المشيّة مثلاً على المشّاء ، وتوقّف بروز المشّاء على المشيّة ظهوراً معيّتيّاً وبروزاً مرّتيّاً من قبل الكسر وهو الفعل بمنزلة المشيّة ، والانكسار وهو المفعول بمنزلة المشّاء ؛ فهذه الأجزاء الأربعة هي الأركان الأربعة للعرش الاستوائيّة والكرسيّ الاجتلائيّة ؛ فقال سبحانه : «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى» ؛ ۱ وفي موضع آخر : «الَّذي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى» . ۲
وهذه الأجزاء في العرش التكوينيّ ـ كما قلنا ـ هي الأنوار الأربعة والأركان الأربعة ، وفي الشرع التدوينيّ الذي هو عكس التكويني ـ أي ظلّه مثل النور من المنير ـ التجمّلات الأربعة والتسبيحات التربيعيّة ، وهي :
«سبحان اللّه » : أعني الركن الأعلى الأيمن من العرش ، وهو النور الأبيض .
و «الحمد للّه » : أعني الركن الأسفل الأيمن من العرش ، وهو النور الأصفر .
و «لا إله إلاّ اللّه » : وهو الركن الأعلى الأيسر من العرش ، وهو النور الأخضر .
و «اللّه أكبر» : وهو الركن منها توحيد إلاّ أنّه لا يتمّ التوحيد به إلاّ بعد الإنضمام إلى الثلاثة الاُخرى ، كما أنّ العرش لايتمّ إلاّ بالأنوار الأربعة ؛ فالتوحيد التامّ ـ الذي يكون العرش آية له ـ لا يظهر إلاّ بعد ظهور تلك الأربع من التوحيد ، وإن كان بعضها مقدّماً على بعض في السببيّة والاشتراطيّة ؛ فهذه التسبيحات الأربعة في العرش التشريعي الذي هو الكتاب التدويني باعتبار مجالي للأركان الأربعة للعرش التكويني الذي هو هذا الاسم المبحوث عنه .
وهذه الأركان الأربعة تعبيرات اُخرى أربعة في العرش الحقّيّ الحرفيّ النطقيّ ، الذي أشار إليه ـ سبحانه الكريم ـ في كلامه القديم : «إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلُ [مَا] أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ»۳ ولكن «وَ مَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ الْعَـالِمُونَ»۴ ؛ إذ التوحيد له مراتب أربعة : التوحيد الذاتي ،

1.سورة طه ، الآية ۵ .

2.سورة طه ، الآية ۵۰ .

3.. سورة الذاريات ، الآية ۲۳ .

4.سورة العنكبوت ، الآية ۴۳ .

الصفحه من 230