التحفة العلويّة - الصفحه 214

المضطرّين ، ويا إله العالمين ، بمحمّد وآله الطاهرين عليهم السلام ؛ فلنقبض من العلم العنان ؛ فإنّ للحيطان آذان .
ثمّ اعلم أنّ تلك العوالم المختلفة في الأسماء بأسرها واحدة ، وإنّما التفضيل لازدياد التبصّر وللمعرفة بأنّ لكلّ واحد من تلك العوالم أو الأجزاء والمراتب اسم في كلّ مكان ورسم خاصّ في مدى الدهر والزمان ، وإلاّ فلا حاجة إلى تلك الأمثال والتنظير عند العالم العارف الخيّر .
قال عليه السلام : «فأظهر منها ثلاثة ؛ لفاقة الخلق إليها» :
أي لاحتياج نفس الخلق ، وتوقّف الإيجاد على تلك الثلاثة التي هي العقل والنفس والجسم في الكتاب التكويني ، أو حرف الباء والجيم والدال في الكتاب التدويني ، وهذه النسبة في غيرهما ، فهو سبحانه لما علم أنّ تمام الخلق تكويناً وتكليفاً لا تكون إلاّ بتلك الثلاثة ، وأنّ قوامهم واستقامة نظامهم وبلوغهم إلى غاية كمالهم وارتقائهم أقصى معارج معراجهم موقوف على تلك الثلاثة المذكورة ، أظهرها سبحانه في أنفسها بذلك الجزء الخفيّ ، وهذه الأجزاء الثلاثة الظاهرة باصطلاح آخر هي المشكاة والزجاجة والمصباح .
«وحجب منها واحداً» :
وهو المشيّة ، أو حرف «ا» ، أو النور الأبيض ، ولم يظهره ذلك لهم ؛ وذلك لأنّ المشاء ـ أعني الأجزاء الثلاثة الظاهرة ـ وإن كان من حيث المشائيّة مشيّة ، إلاّ أنّه ظاهرها وأثرها ووصفها وصفتها ، وإنّما لم يظهر ذلك الواحد لهم لأنّه لو ظهر لاحترقت الثلاثة بما فيها ، «وَ يَبْقَى وَجْهُ رَبِّـكَ ذُو الْجَلَـالِ وَ الاْءِكْرَامِ»۱ فهو وإن كان ظاهراً في كلّ فصل وكتاب ، وفي كلّ جزء وباب ، إلاّ أنّه لن يظهر إلاّ بقناع وجلباب وسرّ وحجاب .
قال شيخي رئيس العرفاء والزهّاد : ولم يظهر ذلك ؛ لعدم توقّفهم عليه إلاّ في خصوص الاعتقاد الذي عليه بدأ المبدأ والمعاد ، وما أعطاهم اللّه سبحانه من العقل كما فيهم ، ومن الزلاّت ناهيهم ، و لاتتوهّمن شيئاً ؛ فإنّ ذلك الكلام أيضاً متين جوهر

1.سورة الرحمن ، الآية ۲۷ .

الصفحه من 230