التحفة العلويّة - الصفحه 222

وذاك منك كذب ومن غيرك بهتان ، مع أنّ لك لا التفحّص ۱ وما تتبع ، وتبليمه ۲ لا ترى ولا تسمع ؛ وتارة تقول : هكذا يكذّبه الوجدان ونعلم خلافه والعيان ، ومع ذلك وجدانك ليس بشيء ، وعيانك عين اللا بشيء .
يا هذا ، واللّهِ الملك المدرك ، إنّي أرى أنّك أنت لا ترى ، وأنّ من منه أخذت لا درى ولا أدرى ، ومع ذلك تولّى عين الدبر ، وتقول : هذا لا شيء نكر ، ولو تفضّلت وممّا شئت ، وتكلّمت و ما واشيت ، ۳ وهو قليل كلّ القليل ، وقلّ ما لك إليه سبيل ، تقول : إنّ هذا نقص الأوهام ، إليه قد يميل وإنّ ذا عن بعض العوام ، كان يقال إذا ليس ما عليه المشهور ، وهو المؤيّد المنصور ، كما هو معلوم غير مستور : إنّ آحاد الأخبار الواردة عن أئمّتنا الأطهار حجّة ، ومع ذلك تنكر تلك الأخبار الواردة في فضائل هؤلاء الأخيار ، مع أنّك لو لا رأيت فاستمع بأنّ الأخبار قد تواترت ، والآثار قد تواردت بلغت نيفاً وعشرين ، ۴ بل وقريباً إلى الثلاثين ، أنّ ما ورد عليكم متثاقلاً تردّوه وإن كنتم عالمين بخلافه ؛ لأنّ كلامنا له وجوه ولعلّه منّا وأنتم لا تعلمون بأيّ الوجوه إيّاه قلنا ، والردّ علينا شرك باللّه ، مع أنّ الأخبار التي نقول بها في أمثال تلك كلّها عقليّة إلاّ [أنّه] ليس لك عقل حتّى تفهمها ، وما تعلّمت إلاّ أن تقول : إنّ خبر الواحد في الاُصول ليس بحجّة ، وإنّ النقليّات ليست حجّة في الاعتقاديّات ، مع أنّك ترى بأنّا لا نستدلّ بتلك الأخبار في أصل الخمسة الضروريّة ، ولو شئنا لاستدللنا وإن كنت لا تفهم ؛ أليست كلمة الاُصولييّن منّا قد اتّفقت خلافاً للأشاعرة والأخبارييّن كلّ من وجه : أنّ العقل والنقل متطابقان؟! فبناءً على هذا يجب أن لا يكون نقلاً حرفاً بل الأدلّة بأسرها عقليّة .
فإن قلت : فاستقرار اصطلاح أهل الاُصول على أنّ هذا الدليل عقليّ ، وذلك نقليّ ، حتّى أنّهم بنوا أكثر كتبهم على سفرين ، وقالوا : السفر الأوّل في الأدلّة النقليّة ، والسفر الآخر في الأدلّة العقليّة ، وتعدادهم القرآن والحديث في الأدلّة النقليّة ؛ لماذا قلت لو

1.في النسخة : مع أنّك إلا التفحّص .

2.كذا . والتبليم : التقبيح . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۵۴ .

3.كذا . ولعلّ أراد معنى استخرجت أو استدللت . راجع : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۹۴ .

4.النيف : هو الزيادة ، تقول : عشرة دراهم ونيف ، وقيل : هو من الواحد إلى الثلاثة ، والبضع من أربعة إلى تسعة . وقيل : النيف لا يقال إلاّ بعد عقد نحو عشرة أو مئة أو ألف أو نحوها . راجع : العين ، ج ۸ ، ص ۳۷۶ ؛ مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۱۲۷ .

الصفحه من 230