التحفة العلويّة - الصفحه 223

أسفت وأنصفت؟!
لأجبتك : أمّا أوّلاً فنقول : قد أشرنا أنّ قاعدة التطبيق إجماعيّ بلا خلاف ، فعدّهم هذين من هذا القسم إنّما هو من جهة أنّ أكثر الآيات والأخبار الواردة في المسائل الفهميّة عند الإنصاف ممّا لا يفهم العقل معنيها ، وإلاّ لم نكن محتاجاً إليها كما هو المصرّح في كتبهم أيضاً .
الثاني : إنّ هذا الاصطلاح منهم مبنيّ على فهم الغالب ، كما أنّ العقل الذي هو حجّة بالإجماع إنّما هو الكلّ ، أي كلّ العقول لاتّفقوا ، والغالب أيضاً كما هو الحقّ ؛ فإنّ العقل في هذين القسمين يكون حجّة على الكلّ ، لكن مع تخلية الكلّ من الشكوك كما هو شرط في حصول العلم بالمتواترات ؛ فحينئذ لما كان الذكر من أهل العلم لا يعرفون الوجه العقلي لتلك الآيات والأخبار الواردة في الفقهيّات سمّوها بالنقليّات .
الثالث : إنّهم لما رأوا أنّ أكثر الأخبار والآيات الواردة في الفقهيّات وفي غيرها على الإطلاق ليس للعقل مدخل في فهم لمّة مضموناتها سمّوها بالنقليّات بكلمة واحدة ، وإلاّ فكلّ طفل لَعَلِمَ أنّ قوله تعالى : «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتَا»۱ مثلاً دليل عقليّ ، إلى غير ذلك من الوجوه ، وليس هنا مورد ذكر الجميع ، لكنّي أقول بكلمة اُخرى و هي : أنّنا لا نعلم بالأخبار الواردة في الاُصوليّات إلاّ بعد نصيحتها وفهم العقل أو شهادة النقل على صحّتها يكون مستنداً وحجّة بيننا وبين اللّه ، «إِنِ افْتَرَيْتُهُو فَعَلَىَّ إِجْرَامِى»۲ .
فإن قلت : لم أنت وحدك تدّعي فهم العقل وشهادة النقل على بيان مراد ۳ تلك الآيات والأخبار ، ولم يقل أحد غيرك على هذا؟!
قلت : أمّا أوّلاً : فإنّ غيري فتقال لكنّك ما عرفت به ولا سمعت منه . وثانياً : إنّك لو جئت بالصفات لكنت أيضاً ممّن يفهم ما نقول ؛ لكنّك ما تقبل ولا تُقبل . وكيف كان فنرجع إلى بيان ما نحن بصدد بيانه ؛ من شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر .
قال عليه السلام : «ثمّ خلق سبحانه لكلّ ركن منها ثلاثين اسماً فعلاً منسوباً إليها ، فهو الرحمن الرحيم الملك القدّوس» إلى آخر الأسماء

1.سورة هود ، الآية ۳۵ .

2.سورة الأنبياء ، الآية ۲۲ .

3.في النسخة : المراد .

الصفحه من 230