التحفة العلويّة - الصفحه 226

السادسة وهي أرض الإلحاد ومنها علمه ، وقبضة من الأرض الخامسة أرض الطغيان منها وهمه ، وقبضة من الأرض الرابعة أرض الشهادة منها وجوده ، وقبضة من الأرض الثالثة أرض الطبع منها خياله ، وقبضة من الأرض الثانية أرض العادات منها فكره ، وقبضة من الأرض الأوّل الاُولى منها جسده ، وقبضة من سماء الدنيا منها حياته .
إذا عرفت ذلك كلّ كلّه ، فنقول : إنّ كلّ واحد من تلك القبضات العشرة اُديرت ثلاث مرّات ؛ فإنّ القبضة التي منها القلب مثلاً في الطينتين إدارتها العناصر الأربعة في هذا العالم ، أي دار بعضها على بعض مرّةً في معدنها ثمّ اُخرى في نباتها ، ثمّ ثالثة في حيوانها ، فصار ذلك ثلاثين ؛ لأنّ مبلغ ضرب الثلاثة في العشرة هو الثلاثين ، وهو الموعود لموسى ـ على نبيّنا وآله وعليه السلام ـ حيث أشار سبحانه إليه بقول : «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَـاثِينَ لَيْلَةً» ؛ ۱ والتكنّي فيها بالليلة إشارة إلى حدوث ظلمة دانية في كلّ واحد من تلك المراتب ، أو تلك المراتب المذكورة هي المراتب الأربعينة الموجودة ، وهي التي أشار اللّه سبحانه في القدسيّات ۲ بقوله : خمّرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا ،۳ والزكي يستعر هنا في سؤالات ، أحدها : ما المراد بالأربعين؟ والآخر ما المراد بقوله «صباحا»؟ مع أنّك تقول : إنّه تعالى تكنّى في تلك الشريفة عن تلك المراتب بالليلة . وأيضا ما معنى قوله تعالى في الآية السابقة : «وَ أَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ» ؛ ۴ وما هذا العشر؟ وإنّ ذلك الأيّام هل كان لموسى في اُمّته أم لا؟
ونحن بعون اللّه ازديادا لثمرة الرسالة نشير إلى الجميع إلاّ على سبيل التوضّع والتربيب ، بل نطوي الكلام في الكلّ فى جهة كلام واحد وعنوان متّحد مع ما فيه من غير تلك الفوائد ؛ فأقول وبه أستعين : اعلم أنّ نبيّنا صلى الله عليه و آله أكمل الأنبياء ، ووليّنا أكمل الأولياء ، وقرآننا أتمّ من سائر الكتب ، وديننا من سائر الأديان ، وأيّامنا من باقي الأيّام ، وشهورنا من باقي الشهور ، وسنونا من باقي السنون ، وأعمارنا من باقي الأعمار وإن كانت أقصر ؛ لأنّه على الأكثر ما بين الستّين والسبعين .
فإنّ هذا الحديث إذا لك المرام الأخير تحديد وتبيين ، فافهم فحينئذ نقول : إنّ

1.سورة الأعراف ، الآية ۱۴۲ .

2.أي الأحاديث القدسيّة .

3.عوالي اللئالي، ج ۴، ص ۹۸، ح ۱۳۸ مرسلاً .

الصفحه من 230