دور الحياة وهو الرابع في هذه الاُمّة زاد وفي اُمّة موسى وعيسى وما والاهما نقص ؛ ودور الطبائع كما عرفت هناك زاد وهاهنا نقص ، ولا تغيّر بطول إغمارتهما اُمّتهما ، فإنّه حصل من دور الطبائع واستحكام اللنيّة وانضباط الأجساد ، وأمّا في هذه الاُمّة فقد ورد اللّه سبحانه : «وَ لاتَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» ؛ ۱ إلى غير ذلك ؛ وهذا الدور الحياتيّة هو العَشر الإماميّة ، وهو في الظاهر العشر من ذيحجّة ، وفي الباطن هي المذكورات في سورة الفجر ، حيث قال سبحانه : «وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرٍ» ؛ ۲ ففي هذه الآيات آيات ، وفي تلك البيّنات علامات ، فعلى بعض الوجوه : «الفَجْر» هو صبح الوجود ، و «لَيَالٍ عَشْرٍ» متمّمات الموجود ، و «الشَّفْعُ» ثاني الاثنين ، و «الْوَتْرُ» هو الواحد بلاحين . وبلسان الظاهر كما هو في الأخبار : «الْفَجْر» هو الرسول صلى الله عليه و آله ، والليالي العشر : الحسن والتسعة من ذريّة الحسين عليهم السلام ، و «الشَّفْعُ» الحسين ، إذ هو مع الحسن ثاني الاثنين ، و «الْوَتْرُ» هو علي عليه السلام ؛ وإنّ «الْفَجْر» هو القائم عليه السلام ، و «لَيَالٍ عَشْرٍ» هو الحسين وذرّيّته ، و «الشَّفْعُ» الحسن ، و «الْوَتْرُ» علي عليهم السلام ؛ وإنّ «الفَجْر»فاطمة عليهاالسلام ، و «لَيَالٍ عَشْرٍ» النبيّ وولده التسعة ، و «الشَّفْعُ» الحسنين ، و «الْوَتْرُ» عليّ عليهم السلام ؛ أو إنّ «الْفَجْر» هو عليّ أو الحسين ، و «الْوَتْرُ» هو القائم ؛ أو إنّ«الْفَجْر» هو القائم ، و «الْوَتْرُ» الحسين عليهماالسلام ؛ إلى غير ذلك من الوجوه المؤيّدة بالأخبار المسدّدة بشهادة الاعتبار .
فنقول : إنّ الاثنين من هؤلاء الأربعة عشر ـ عليهم سلام اللّه إلى يوم الحشر ـ وهما النبيّ والوليّ لا زال كان أحدهما شرق الوجود مشرق الوجود ، والآخر مغرب الموجود ؛ لأنّهما قطبي الأفلاك ، ونقطتي المبدأ والعود بشهادة «لولاك» .
فالعشر الإتماميّة الحسنين ـ وهما واحد ـ والتسعة من ذريّة الحسين سلام اللّه عليهم أجمعين ؛ إذ بهم ملأ الكون وارتفع البون ، وفي زمانهم تمّ التكوين العميم والتدوين القويم ؛ لقوله : «وَ لَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» ؛ ۳ ويشير به
1.. سورة آل عمران ، الآية ۱۶۹ .
2.سورة الفجر ، الآية ۱ ـ ۴ .
3.سورة الحجر ، الآية ۸۷ .