145
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

(فَقَالَ : إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ مُتَعَمِّقُونَ) أي طالبون للنزول إلى عمق أسمائه وصفاته تعالى لإدراك كنه ذاته أو شخصه كالمجسّمة وكالأشاعرة الطالبين لرؤيته تعالى.
(فَأَنْزَلَ۱تَعَالى«قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ»وَالْايَاتِ مِنْ سُورَةِ الْحَدِيدِ إِلى قَوْلِهِ:«وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ»۲) يحتمل أن يكون أوّلها:«هو الأوّل»أو أوّل السورة، فهي قوله تعالى:«سَبَّحَ للّهِِ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْييِ وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْاخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ * هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»۳.
(فَمَنْ رَامَ)
أي قصد (وَرَاءَ ذلِكَ) أي خلف ذلك. والمراد شخصه وكنه ذاته تعالى المستور بهذه الأسماء والصفات المختصّة، فإنّ المستور بالشيء يكون خلفه. ويمكن أن يُراد ب«وراء» أمام بفتح الهمزة؛ فإنّه من الأضداد. والمآل واحد، والأخير أنسب بما مرّ في أوّل الأوّل ۴ من قوله: «ولم تَجُرْ هناك فتعرف ما خلفهنّ».
(فَقَدْ هَلَكَ) . لأنّه لو كان حسنا لما اكتفى اللّه تعالى بالأسماء والصفات التي كلّها غيره. ويجيء مثله في سابع الباب الآتي.
الرابع: (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ رَفَعَهُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا عليه السلام عَنِ التَّوْحِيدِ) أي عن مقدار ما يجب معرفته منه.

1.في الكافي المطبوع : + «اللّه » .

2.الحديد (۵۷) : ۱ ـ ۶ .

3.أي الحديث ۱ من باب حدوث العالم واثبات المحدث .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
144

وقوله: «وفصله» بالمهملة، لمّا كان نفي الفصل المنسوب إلى الإرادة منسوبا إلى المريد، وقد نُسِب الفصل إلى اللّه تعالى في قوله تعالى: «إِنَّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»۱ ، وبه سمّي يومُ القيامة يومَ الفصل، قال: «وفصله جزاء» للمطيعين بالجنّة، وللعاصين بالنار؛ دفعا لتوهّم المناقضة.
ثمّ عاد إلى تقوية أن ليس لإرادته فصل وقال: «وأمره واقع»، والأمر مأخوذ من قوله تعالى: «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»۲ ، ويجيء تحقيقه في حادي عشر «باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين». والمراد بالوقوع وقوعه باعتبار المأمور والمأمور به، ومناسبة هذه الأوصاف لرفع الحوائج إليه ظاهرة.
ويجوز أن يكون قوله: «ولا لإرادته» إلى آخره، منفصلاً عمّا قبله، وتمهيدا لقوله بعده: «لم يلد» إلى آخره، والمعنى حينئذٍ أنّه ليس لإرادته شيئا فصلُ شيءٍ عن ذاته وإخراجه منها حتّى يمكن أن يكون بعض ما أراد ولدا له.
(«لَمْ يَلِدْ»فَيُورِثَ۳) ؛ بكسر الراء.
(«وَلَمْ يُولَدْ»فَيُشَارِكَ۴) ؛ بكسر الراء.
(«وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أَحَدٌ») .
الثالث: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ) ؛ كزبير، أو كأمير.
(قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام عَنِ التَّوْحِيدِ) أي عن إفراد المعبود الحقّ بحيث يمتاز عن غيره: هل يمكن أن يكون بمعرفته بشخصه، أو بكنه ذاته، أم لا؟ بل يكتفى فيه بمعرفته بأسمائه وصفاته المختصّة به وكلّها غيره وهو مستور بها، فإنّها وجهه لا كنهه؟

1.الحجّ (۲۲) : ۱۷ .

2.يس (۳۶) : ۸۲ .

3.في الكافي المطبوع : «فيورَث» بفتح الراء .

4.في الكافي المطبوع : «فيشارَك» بفتح الراء .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 66264
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي