163
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

(وَقَدْ قَالَ اللّهُ) أي ولا يجوز الاستناد إلى ما قلت مع هذه الآية.
(«وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْما»۱فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ ، فَقَدْ أحَاطَ۲بِهِ الْعِلْمَ، وَوَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ) أي وقعت على ذاته تعالى.
(فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ: فَتُكَذِّبُ) ؛ بشدّ المعجمة المكسورة.
(بِالرِّوَايَاتِ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : إِذَا كَانَتِ الرِّوَايَاتُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ، كَذَّبْتُهَا) . يُقال: كذّب به تكذيبا: إذا لم يؤمن به؛ وكذّبه تكذيبا: إذا أخبر أنّه كاذب. ففي كلام أبي قرّة إشارة إلى صدق الروايات، وفي كلامه عليه السلام تصريح بكذبها.
(وَمَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ) . عطف على القرآن.
(أَنَّهُ) أي من أنّه. ويمكن أن يكون «ما أجمع» مبتدأ و«أنّه» خبره.
(لَا يُحَاطُ بِهِ) . الظرف قائم مقام الفاعل.
(عِلْما) ؛ مفعول له، أو تمييز للفاعل المحذوف.
(وَ«لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ»۳وَ«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ»۴) . المعنى أنّ المسلمين ما أوّلوا هذه الآيات، بل أجمعوا على ظواهرها، أو أنّهم أجمعوا على أنّها من القرآن.
الثالث: (أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام أَسْأَلُهُ عَنِ الرُّؤْيَةِ وَمَا تَرْوِيهِ الْعَامَّةُ) ؛ هو أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رآه ليلة المعراج ۵ ، وأنّ المؤمنين يرونه في الآخرة. ۶(وَالْخَاصَّةُ) ؛ هو أنّه لا يمكن رؤيته أصلاً.

1.الأنعام (۶) : ۱۰۳ .

2.طه (۲۰) : ۱۱۰ .

3.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

4.في الكافي المطبوع : «أحاطت» .

5.حكاه الفخر الرازي في تفسيره ، ج ۲۵ ، ص ۱۸۶ بلفظ «قيل» .

6.حكاه ابن عبد البرّ في كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمّة الفقهاء ، ص ۸۲ عن الشافعي ، وحكاه الشهرستاني في الملل والنحل ، ج ۱ ، ص ۱۰۰ عن الأشاعرة .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
162

لإثباتها، وهي المتأخّرة زمانا المفهومة من قوله: «ماكَذَبَ الفُؤادُ ما رَأى» ، لكن لمّا كان المرئيّ في كلّ من النزلتين عين المرئيّ في الاُخرى، كان الدالّ على المرئيّ في النزلة المسوق لها الكلام عينَ الدالّ على المرئيّ في النزلة الاُخرى.
(يَقُولُ: مَا كَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ) . «ما» نافية، وظاهره أنّ اللام في الفؤاد للعهد الخارجي، ويمكن أن يكون من قبيل ذكر العمدة المسوق لها الكلام، فلا ينافي أن يكون اللام في الفؤاد للجنس.
(مَا رَأَتْ عَيْنَاهُ) . «ما» نافية، والجملة استئناف بياني للسابقة.
(ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا رَأى) أي بعد قوله: «وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى» ، وهذا موضع الاستشهاد. 1 (فَقَالَ : «ولَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى» ؛ اللام هي الموطّئة للقسم؛ أي واللّه لقد رأى الكبرى 2 من آياته. ويجوز أن تكون «الكبرى» صفةً للآيات على أنّ المفعول محذوف؛ أي ما رأى.
(فَآيَاتُ اللّهِ غَيْرُهُ)
. الفاء للبيان، حاصل الجواب إظهار غلط أبي قرّة بوجهين:
الأوّل: أنّ الرائي فؤاد محمّد، لا 3 عيناه.
والثاني: أنّ المرئيّ آية من آيات اللّه ، لا شخصه تعالى. وكأنّ تلك الآية الكبرى النصّ على إمامة أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، ويجيء في «كتاب الحجّة» في ثالث «باب أنّ الآيات التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه هم الأئمّة عليهم السلام »كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «ما للّه عزّ وجلّ آية هي أكبر منّي».

1.في حاشية «أ» : «في احتجاج الطبرسي رحمه اللهفي ذيل احتجاجات عليّ عليه السلام عند قوله : احتجاجه عليه السلام على زنديق جاء إليه مستدلّاً بآي من القرآن متشابهة هكذا : وأمّا قوله : «وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى» يعنى محمّدا صلى الله عليه و آله حين كان عند سدرة المنتهى حيث لا يجاوزها خلق من خلق اللّه عزّوجلّ ، وقوله في آخر الآية : «مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَ مَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَـتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى» رأى جبرئيل في صورته مرّتين ، هذه المرّة ومرّة اُخرى ، وذلك أنّ خلق جبرئيل خلق عظيم ، فهو من الروحانيّين الذين لايدرك خلقهم ولا وصفهم إلّا اللّه رب العالمين» . الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۲۴۳ .

2.في «ج» : + «أي» .

3.في «ج» : «ولا» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 79753
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي