165
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

(لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوُا اللّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ) أي لأنّ جميع المؤمنين لم يروه في الدنيا.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَةِ إِيمَانا، لَمْ تَخْلُ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الِاكْتِسَابِ) أي ما هو قبل الرؤية.
(أَنْ) أي عن أن (تَزُولَ) أي بعد الرؤية؛ لحدوث ضدّها، بناءً على اتّفاق الجميع والإجماع المركّب.
(وَلَا تَزُولُ) ؛ بالرفع، والواو للحال. وهذا لبيان المقدّمة الاستثنائيّة، أي معلوم أنّ المعرفة الاكتسابيّة لا تزول بالرؤية.
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه اللّه تعالى في كتاب عدّة الاُصول في فصل في حقيقة العلم وأقسامه:
والعلوم على ضربين: ضروريّ ومكتسب. فحدّ الضروري ما كان من فعل غير العالم به ۱ على وجه لا يمكنه دفعه عن نفسه بشكٍّ أو شبهةٍ. وهذا الحدّ أولى ممّا قاله بعضهم من أنّه ما لا يمكن العالمَ دفعه عن نفسه بشكٍّ أو شبهة إذا انفرد، لأنّ ذلك تحرّز لمن اعتقد بقول النبيّ صلى الله عليه و آله : إنّ زيدا فيالدار، ثمّ ۲ شاهده، فإنّه لا يمكنه أن يدفع ذلك عن نفسه، ومع هذا فهو اكتساب، وهذا لا يصحّ عندنا؛ لأنّ العلم بالبلدان والوقائع وما جرى مجراهما هذا الحدُّ موجود فيه، وعند كثير من أصحابنا أنّه مكتسب قطعا، وعند بعضهم هو على الوقف، فلا يصحّ ذلك على الوجهين معا ـ إلى قوله ـ : وأمّا العلم المكتسب فحدّه أن يكون من فعل العالم به، وهذا الحدّ أولى؛ إلى آخره. ۳(فِي الْمَعَادِ) . متعلّق بقوله: «لا تزول»؛ أي فضلاً عن أن تزول في الدنيا.
(فَهذَا دَلِيلٌ عَلى أَنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ۴ـ لَا يُرى بِالْعَيْنِ؛ إِذِ الْعَيْنُ تُؤَدِّي إِلى مَا وَصَفْنَاهُ) من الأمر المعلوم البطلان، وهو انتفاء المؤمن في الدنيا، أو زوال المعرفة

1.في المخطوطتين: «فيه». والمثبت عن المصدر.

2.في المخطوطتين : «في» . والمثبت عن المصدر .

3.عدّة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۱۳ ، وفي الطبعة الاُخرى، ج ۱ ، ص ۵۳ .

4.في الكافي المطبوع : - «ذكره» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
164

(وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَشْرَحَ لِي ذلِكَ) أي يبيّن بطلان ما ترويه العامّة، وصدقَ ما ترويه الخاصّة بدليل.
(فَكَتَبَ بِخَطِّهِ: اتَّفَقَ الْجَمِيعُ) أي جميع القائلين بجواز الرؤية بالعين.
(لَا تَمَانُعَ بَيْنَهُمْ أَنَّ) أي على أنّ.
(الْمَعْرِفَةَ) . اللام للعهد الخارجي؛ أي معرفة اللّه تعالى.
(مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَةِ) . الظرف متعلّق ب«المعرفة».
(ضَرُورَةٌ) ؛ مرفوع، أي ضروريّة. والمراد أنّ فاعلها غير قابلها، بناءً على أنّها غير مولدة من الفكر في شيء.
(فَإِذَا جَازَ أَنْ يُرَى اللّهُ بِالْعَيْنِ، وَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ ضَرُورَةً) . منصوبٌ حال عن المعرفة، أي اضطرارا؛ ۱ يعني فثبت بالإجماع المركّب صدقُ هذه الشرطيّة عند القائلين بجواز الرؤية، وعند المنكرين للجواز أيضا.
(ثُمَّ لَمْ تَخْلُ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ) الاضطراريّة (مِنْ أَنْ تَكُونَ إِيمَانا) أي شرطا للإيمان الذي هو الطوع والانقياد.
(أَوْ لَيْسَتْ بِإِيمَانٍ) أي ليست شرطا للإيمان.
(فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَةِ إِيمَانا) أي شرطا للإيمان.
(فَالْمَعْرِفَةُ الَّتِي فِي دَارِ الدُّنْيَا مِنْ جِهَةِ الِاكْتِسَابِ) أي من جهة الاختيار بأن يكون فاعلها قابلَها بناءً على أنّها مولدة من الفكر في شيء.
(لَيْسَتْ بِإِيمَانٍ) أي ليست مقارنة للإيمان.
(لِأَنَّهَا ضِدُّهُ) أي لأنّ المعرفة الاكتسابيّة ضدّ الإيمان، بناءً على أنّ المشروط بضدّ شيء ضدُّ ذلك الشيء، أو لأنّ الضرورة ضدّ الاكتساب، بناءً على أنّه لا يمكن أن يكون شيء واحد بالنسبة إلى عبد واحد اختياريّا واضطراريّا معا في وقت واحد.
(فَلَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا مُؤْمِنٌ) أي إلّا من رآه في الدنيا، وهو نادر جدّا عند القائلين بالرؤية.

1.في «ج» : «اضطرارية» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 79755
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي