171
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

الإيمان والكفر» في أحاديث «باب حقيقة الإيمان واليقين» وهو السابع والعشرون. ۱(لَا يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ) . استئناف بياني، تقول: قست الشيء بالشيء: إذا قدّرته على قدره؛ أي لا يعرف ذاته بالحدّ التامّ، ويمكن تخفيف الراء وتشديدها.
(وَلَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ، وَلَا يُشَبَّهُ) . يجوز تخفيف الموحّدة بأن يكون بصيغة المعلوم، وتشديدُها بأن يكون بصيغة المجهول.
(بِالنَّاسِ) أي بشيء أصلاً. وتخصيصه بالذِّكر للسجع، ولأنّه الواقع عند المشبّهة، كما مضى في ثاني الباب من قوله: «وهو على صورة البشر»، والتشبيه القول بأنّ موجودا في الخارج مشترك معنى بينهما، كما يجيء في أوّل السابع عشر ۲ من قوله: «إنّما التشبيه في المعاني» إلى آخره.
(مَوْصُوفٌ) ؛ من وصفت الشيء: إذا بيّنته بما فيه.
(بِالْايَاتِ) . الآية: العلّامة، وجملة حروف من كتاب اللّه ، والأصل أَوَيَة بالتحريك، والأظهر هنا الثانية ۳ ، ليكون إشارة إلى النهي عن وصفه تعالى بغير ما وصف به نفسه، وليكون قوله:
(مَعْرُوفٌ بِالْعَلَامَاتِ) ، تأسيسا.
(لَا يَجُورُ) ؛ بصيغة المعلوم من الجور، وهو الميل عن الصواب، أو بصيغة المجهول من التجوير، وهو النسبة إلى الجور.
(فِي حُكْمِهِ ) : في قضائه وقدره، ويدخل فيه الأحكام الشرعيّة أيضا.
(ذلِكَ اللّهُ لَا إِلهَ إِلَا هُوَ. فَخَرَجَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ:«اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ»۴) ؛ بالإفراد في قراءة ابن كثير وحفص عن عاصم، وبالجمع في قراءة الباقين. ۵

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۲ ، باب حقيقة الإيمان واليقين .

2.أي الحديث ۱ من باب آخر وهو من الباب الأوّل .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۷۵ (أيا) .

4.الأنعام (۶): ۱۲۴.

5.حكى ذلك الطبرسي في مجمع البيان ، ج ۴ ، ص ۱۵۳ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
170

لمقتضى العقل، وذلك كما تمسّكت المجسّمة بنحو قوله تعالى: «وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّا صَفّا»۱ .
قال الزركشي من الأشاعرة في شرح جمع الجوامع:
وفي الصحيحين في حديث الرؤية «فيأتيهم اللّه في صورة لا يعرفونها فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: نعوذ باللّه منك هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا، فإذا جاء ربّنا عرفناه، فيأتيهم اللّه تعالى في صورته التي يعرفونها، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: أنت ربّنا فيتبعونه». ۲ قال الأئمّة: المعنى أنّهم يرون اللّه على ما كانوا يعتقدونه من الصفات التي هو عليها من تنزيهه وتقديسه. وفي حديث آخر: وكيف يعرفونه؟ قال: «إنّه لا شبيه له». انتهى. ۳
يا لهذا التأويل، سبحانه وتعالى عمّا يصفون، يجيء في كلام هشام ما يشبه أن يكون شرحا آخر غير ما ذكرنا لمثل هذا الحديث.
الخامس: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَضَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ) على بني اُميّة بدون إذن الأئمّة عليهم السلام .
(فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، أَيَّ شَيْءٍ تَعْبُدُ؟ قَالَ: اللّهَ تَعَالى.۴قَالَ: رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: بَلْ) ؛ إضراب عن الرؤية. (لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ) أي بدون قصد مجاز.
(وَلكِنْ) . استدراكٌ لعدم مشاهدة الأبصار. (رَأَتْهُ الْقُلُوبُ) أي آمنت به (بِحَقَائِقِ الْاءِيمَانِ) ؛ جمع حقيقة، وهي الراية تكون في العسكر علامةً لهم، والمراد هنا علامات صحّة الإيمان موافقا لما مضى في «كتاب العقل» في أوّل «باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب» وهو آخر الأبواب من قوله: «إنّ على كلّ حقٍّ حقيقةً»، وما يجيء في «كتاب

1.الفجر (۸۹) : ۲۲ .

2.صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۲ ـ ۵ كتاب الرقاق ؛ و ج ۸ ، ص ۱۷۹ كتاب التوحيد ؛ صحيح مسلم ، ج ۱ ، ص ۱۱۳ ، باب معرفة طريق الرؤية .

3.اُنظر شرح مسلم للنووي ، ج ۳ ، ص ۱۹ .

4.في «ج» : - «تعالى» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 79542
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي