(وَقَدِيما وَعَزِيزا وَحَكِيما وَمَالِكا وَعَالِما وَقَادِرا؛ لِأَنَّ) أي ليس سرّه إلّا أنّ (هذِهِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَالْاءِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ) .
وفيه ردّ على الأشاعرة حيث ذهبوا إلى أنّ قدرته تعالى تابعة لإرادته، كما قيل في تفسير سورة طه ۱ عند قوله تعالى: «وَإِنْ تَجْهَرْ»۲ .
إن قلت: لا يجوز أيضا أن يُقال: أراد أن يكون مريدا؛ للزوم التسلسل في الإرادات، فيلزم أن لا تكون الإرادة من صفات الفعل؟
قلت: لا يلزم؛ لأنّ هذا ليس حدّا على حدة لصفات الذات، بل لبيان الحدّ الثاني بأنّ كلّ أزليّ ممّا لا يمكن تعلّق الإرادة به، ولا يجب العكس كلّيّا، على أنّا لا نسلّم أنّه لا يجوز أن يُقال: أراد أن يكون مريدا؛ لما مرَّ في رابع الباب من أنّ إرادة الإرادة عين الإرادة.
(أَ لَا تَرى أَنَّهُ يُقَالُ: أَرَادَ هذَا وَلَمْ يُرِدْ هذَا) أي ممّا من شأنه أن يُراد.
(وَصِفَاتُ الذَّاتِ) . عاد إلى بيان الحدّ الأوّل.
(يُنْفى۳) ؛ بصيغة المجهول. والمراد أنّه ينفي بالكلّيّة، ولا يمكن أن يتحقّق أصلاً.
(عَنْهُ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا ضِدُّهَا) أي مقابلها الذي هو في الوجود.
(يُقَالُ: حَيٌّ وَعَالِمٌ وَسَمِيعٌ وَبَصِيرٌ وَعَزِيزٌ وَحَكِيمٌ، غَنِيٌّ) . ظاهره جعل «عزيز» و«غنيّ» من صفات الذات، ولا ضير؛ لأنّه يختلف استعمالهما، وأراد بهما هنا ما في الوجود. ويحتمل بعيدا أن يكون اصطلاح المصنّف تعميم صفات الذات بحيث تشمل صفات التمجيد أيضا.
1.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۷۰ قال : «ولمّا كانت القدرة تابعة للإرادة وهي لا تنقكّ عن العلم عقب ذلك بإحاطة علمه تعالى بجليّات الاُمور وخفيّاتها على سواء ، فقال : «وَ إِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ و يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى» أي وإن تجهر بذكر اللّه ودعائه فاعلم أنّه غنّي عن جهرك ؛ فإنّه يعلم السرّ وأخفى منه ، وهو ضمير النفس» .
2.طه (۲۰) : ۷ .
3.في الكافي المطبوع : «تَنْفِي» بصيغة المعلوم .