243
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

والقدرة الذاتيّة والحكمة التامّة المقتضية للاُلوهيّة. انتهى. ۱
فيشتمل هذه الأسماء الثلاثة إجمالاً على ما ظهر من جميع صفات الذات وجميع صفات الفعل وجميع صفات التمجيد.
وقول الرجل: «وعقد بيده ثلاثة وستّين» مبنيّ على قاعدة وضعها القدماء في صور أصابع اليدين لضبط الواحد إلى عشرة آلاف، وصورة الثلاثة والستّين أن يثني الخنصر والبنصر والوسطى من اليمنى للثلاثة، كما هو المعهود بين الناس في عدّ الواحد إلى الثلاثة، لكن يوضع رؤوس الأنامل في هذه العقود قريبة من اُصولها، وأن يوضع للستّين ظفر إبهام اليمنى على باطن العقدة الثانية للسبّابة، كما يفعله ۲
الرُّماة. ۳(وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ هذِهِ الْأَسْمَاءِ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ) . التسخير: التذليل، واستعير هنا للتفصيل؛ لأنّ الكلّ مبنيّ على الأجزاء، فكأنّ كلّ جزء منه حامل له كالمركوب للراكب؛ أي وفصل كلّ اسم من الأسماء الثلاثة على أربعة أسماء، كلّ اسم منها جزءٌ من أجزائه، والجزء يسمّى ركنا. ويمكن أن يكون تسميته ركنا باعتبار أنّه أصل للاثني عشر، كما يجيء بُعَيْدَ هذا. وهذا ألصق بقوله:
(فَذلِكَ اثْنَا عَشَرَ رُكْنا، ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكْنٍ مِنْهَا ثَلَاثِينَ اسْما فِعْلاً) . المراد بالفعل مقابل القوّة، أي ليس متّصلاً بسائر الأسماء حتّى يكون قوّة كنصف الجسم المفرد.
(مَنْسُوبا إِلَيْهَا) أي إلى الأسماء الثلاثة بأن يكون تفصيلاً وتابعا لها، وذلك بتوسّط الأركان الاثني عشر. أو الضمير راجع إلى الأركان باعتبار دلالة قوله: «كلّ ركن» عليها. ويبعّد هذا قوله فيما بعد: «فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة».
(فَهُوَ) . الضمير راجع إلى مرجع ضمير «هو» في قوله: «فالظاهر هو اللّه » أي فذات اللّه تبارك وتعالى.

1.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۵۴۷ ، تفسير سورة الإخلاص .

2.في «ج» : «يفعل» .

3.نقل هذا الكلام مع تفصيل أكثر الشيخ عليّ أكبر غفاري فى حاشيته على معاني الأخبار ، ص ۲۸۵ باب معنى إسلام أبي طالب بحساب الجمل من هامش النسخة التي تفضّل بها عليه السيد المرعشي .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
242

هذا اللفظ من الأسماء فأحدها: ۱ ما يدلّ عليه لفظ «اللّه »، وثانيها: ما يفهم من لفظ «تبارك»، وثالثها: ما يفهم من لفظ «تعالى». ولا بأس بكون الأخيرين بلفظ الجملة؛ لأنّه قد يحكى الاسم على ما هو المشهور في استعماله في القرآن ونحوه، كما يجيء في هذا الحديث من قوله: «لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ»۲ ولذا كان الثالث مع حرف العطف دون الثاني. وكما في الدعاء المأثور: «اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ باسمك بسم اللّه الرحمن الرحيم». ۳ ويؤيّد هذا وجود حرف العطف في الثاني أيضا في بعض النسخ الصحيحة من كتاب التوحيد لابن بابويه هكذا: «فالظاهر هو اللّه وتبارك وسبحان». ۴
وهذا موافق لما روى ابن بابويه في كتاب كمال الدِّين وتمام النِّعمة عن أبي القاسم بن روح قدّس اللّه روحه أنّه سأله رجل: ما معنى قول العبّاس للنبيّ صلى الله عليه و آله : إنّ عمّك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمّل، وعقد بيده ثلاثة وستّين؟ فقال: عنى بذلك إله أحد جواد. انتهى. ۵
فإنّ إلها واللّه واحد، وكذا «جواد» و«تبارك» واحد، هو من أعطى كلّ شيءٍ خلقه؛ أي تدبيره اللائق به، وكذا «أحد» و«تعالى» واحد؛ فإنّ المراد بأحد المنفرد عمّا يوجب حاجة كالشريك أو الجزء أو نحو ذلك، وبالمتعالي المنزّهُ عن النقص.
قيل: «أحد» ۶ يدلّ على مجامع صفات الجلال كما دلَّ «اللّه » على جميع صفات الكمال؛ إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزّه الذات عن أنحاء التركيب والتعدّد وما يستلزم أحدهما كالجسميّة والتحيّز والمشاركة في الحقيقة وخواصّها كوجوب الوجود

1.في «ج» : «فأحدهما» .

2.البقرة (۲) : ۲۵۵ .

3.تهذيب الأحكام، ج ۳، ص ۱۱۴، دعاء أوّل يوم من شهر رمضان؛ وص ۱۲۴، ح ۲۶۸، وداع شهر رمضان؛ مصباح المتهجّد، ص ۳۳۸، صلاة اُخرى للحاجة؛ وص ۶۶۴، دعاء اوّل يوم من شهر رمضان.

4.التوحيد ، ص ۱۹۱ ، باب أسماء اللّه ، ح ۳ .

5.كمال الدين ، ص ۵۲۰ ، الباب الخامس والأربعون ، ح ۴۸ .

6.في «ج» : «أحدا» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 79605
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي