247
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

(فَمَعْنَاهُ: اللّهُ، وَاسْمُهُ: الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) . المراد بالمعنى: المطلوب بالذات، والضميران للّه ، أي فأقصى مطلوبه من غيره معرفة أنّه اللّه ، أي المعبود بالحقّ كما مرّ آنفا. و«اسمه» الذي اختاره لغيره ليكون وسيلة لمعرفة اللّه العليّ العظيم.
ويمكن أن يكون الضميران لغيره، أي فمقصود الغير الذي ينظر في ملكوت السماوات والأرض ويتتبّع الأسماء معرفة اللّه . والاسم الذي يجعله ذلك الغير وسيلة لمعرفة ذلك المقصود هو العليّ العظيم.
(هُوَ أَوَّلُ أَسْمَائِهِ عَلَا عَلى كُلِّ شَيْءٍ) . ضمير «هو» للعليّ العظيم، وضمير «أسمائه» للغير أو للّه ، والجملة استئناف بياني لقوله: «واسمه العليّ العظيم»، و«علا» فعل ماضٍ مستعار من العلوّ المكاني، والضمير المستتر للعليّ العظيم، و«على» حرف جرّ، و«كلّ شيء» بمعنى كلّ اسم. والمقصود أنّه ليس أوّليّته إلّا لأنّه أظهر الأسماء عند الناظر في المخلوقات المتتبّع للأسماء.
الثالث: (وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ) أي أبا الحسن الرضا عليه السلام .
(عَنِ الِاسْمِ: مَا هُوَ؟ قَالَ: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ) . الصفة مصدر وصفه يصفه كضرب: إذا بيّنه ونعته. والمراد هنا ما يبيّن به، والمقصود أنّ كلّ اسم من أسمائه تعالى لبيان وجه من وجوهه، وليس شيء منها عَلَما ولا اسمَ جنس. ويمكن أن يُراد بالصفة ما قام بغيره كالعلم والقدرة، ويكون المقصود بيان أنّ المشتقّ والمبدأ متّحدان بالذات، متغايران بالاعتبار؛ فالعالم هو العلم باعتبار أنّه لذات موصوف به.
الرابع: (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ) . قيل: الظاهر «عن خالد» كذا في كتاب التوحيد. انتهى. ۱

1.في حاشية «أ» : «القائل مولانا محمّد أمين رحمه الله (منه)» . وانظر التوحيد ، ص ۱۹۲ ، باب أسماء اللّه ، ح ۶ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
246

لفظ الطلب فيه مجازا، وربّما سمّي نفسه حينئذٍ، مع أنّه نفسه ونفسه هو.
(فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إلى أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ، وَ لكِنَّهُ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً) ؛ جمع «اسم».
(لِغَيْرِهِ يَدْعُوهُ بِهَا) . المراد بالدعاء النداء، كقولنا: «يا اللّه ، يا رحمن، يا رحيم» حين العبادة وطلب الحاجة.
(لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَدْعُ بِاسْمِهِ، لَمْ يَعْرِفْ۱) . الضمير المنصوب لغيره أو للشأن أو للّه ، والفعلان على الأوّل بصيغة المعلوم، وعلى الثاني بصيغة المعلوم أو المجهول، وعلى الثالث بصيغة المجهول. والمراد أنّ الداعي بغير اسمه إنّما يعرف غيره، وإنّما يعبد غيره كالمجسّمة؛ أو المراد أنّه تعالى يعرف نفسه بغير حاجة إلى اسم، بخلاف غيره.
(فَأَوَّلُ مَا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ: الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) . الفاء للتفصيل. والمراد أنّ الأوّل «العليّ» ثمّ «العظيم» الذي مضى في أوّل الباب يدلّ على أنّ أوّل أسمائه الاسم الأعظم، ثمّ الأربعة، ثمّ الاثنا عشر، وأنّ «العليّ العظيم» من الأسماء الثلاثمائة والستّين، فوجه الجمع بينهما أنّ الأوّليّة في أوّل الباب باعتبار جعل المبدأ أشمل الأسماء، وهنا باعتبار جعل المبدأ أقدم الأسماء التي يجعلها العبد وسيلة لمعرفة اللّه .
بيان ذلك: أنّ الإنسان إذا بلغ حدّ التمييز، وشرع في النظر في مخلوق بلا حركة ولا آلة ولا علاج، بل بمحض نفوذ الإرادة وقول «كُن» علم أوّلاً أنّ له خالقا برئا من كلّ نقص، وهو المراد بالعليّ، ومتّصفا بكلّ كمال، وهو المراد بالعظيم، ثمّ يتدرّج إلى تفصيل أسماء اللّه تعالى حتّى يبلغ مقصوده، وهو معرفة أنّه اللّه ، أي معرفة أنّه الذي خلق السماوات والأرض بقول «كُن»، وهو المعبود بالحقّ، وإذا بلغ ذلك بلغ أقصى المطلوب منه في معرفة الخالق، وهو معرفة المعبود بالحقّ.
(لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا) . الضمير للعليّ العظيم، و«أعلى» أفعل التفضيل، والمراد: أظهر، استعير من العلوّ المكاني باعتبار أنّ المتوجّه إلى بلد مثلاً إنّما يظهر عليه أوّلاً العمارات المرتفعة. والمراد بالأشياء: الأسماء التي تجعل وسيلة لمعرفة اللّه .

1.في الكافي المطبوع : «لم يُدْعَ باسمه ، لم يُعرَفْ» بدل «لم يَدْعُ باسمه ، لم يَعْرف» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 79516
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي