249
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

وهذا إبطال لكون اسم من أسمائه تعالى عين المسمّى، والمسمّى عينَ ذاته تعالى، كما مضى بيانه في أوّل الخامس. ۱
وأشار إلى الأمر الثاني بقوله:
(وَكُلُّ شَيْءٍ) أي موجود في نفسه.
(وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ «شَيْءٍ»۲) ؛ للتعميم من قبيل: «طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ»۳ .
(فَهُوَ مَخْلُوقٌ) أي حادث، سواء كان باعتبار وجوده في نفسه في الأذهان، أم باعتبار وجوده في نفسه في الخارج.
وهذا إبطال لكون اسم من أسمائه عينَ المسمّى، والمسمّى معنىً قائما بذاته تعالى كما مضى بيانه في أوّل الخامس ۴ أيضا.
(مَا خَلَا اللّهَ) . لمّا كان هنا مظنّة أن يتوهّم أنّ الكلام في نحو الألفاظ، لا فيما وضعت الألفاظ له، أشار إلى دفع هذا التوهّم بقوله:
(فَأَمَّا مَا عَبَرَتْهُ۵الْأَلْسُنُ) . هو اللفظ، و«عبرت» بالمهملة والموحّدة ومهملة بصيغة المعلوم للغائبة من باب نصر؛ يُقال: عبر النهرَ: إذا مرَّ به وتجاوزه تدريجا. وهذا الوصف لتوضيح الحكم الذي بعده.
(أَوْ عَمِلَتِ الْأَيْدِي) ؛ هو النقش والكتابة.
(فَهُوَ مَخْلُوقٌ) أي مخلوق البتّة، لا مجال لتوهّم أحد أنّه ليس بمخلوق. وليس كلامنا فيه.
(وَاللّهُ) ؛ مبتدأ، أي ما وضع له لفظ اللّه . أجرى الكلام في اسم اللّه على سبيل المثال؛ لأنّه قد يتوهّم أنّه عَلَم، فإذا ظهر مغايرته، ظهر ۶ مغايرة سائر الأسماء بطريقٍ أولى.

1.أي في الحديث ۱ من باب المعبود .

2.في حاشية «أ» : «ما خلا اللّه ، أي ما خلا ذاته . ومعناه المسمّى باسم اللّه » . الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۶۸ ، ذيل ح ۳۷۸ .

3.الأنعام (۶) : ۳۸ .

4.في الكافي المطبوع : «عَبَّرَتْهُ» بالتشديد .

5.في «ج» : «ظهره» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
248

(ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ) .
المقصود بهذا الحديث بيان خمسة اُمور:
الأوّل: أنّه ليس اسم من أسمائه تعالى مفهوما عَلَميّا، كما توهّمه الأشاعرة في اللّه أو الرحمن أيضا؛ ۱ ولا نفسَ ذاته تعالى حقيقةً، كما توهّمه المعتزلة حيث قالوا: هو تعالى العلم القائم بنفسه بمعنى عدم القيام بالغير، وكذا في سائر صفات ذاته. ۲
الثاني: أنّه ليس اسم من أسمائه تعالى موجودا في نفسه في الخارج، قائما به تعالى قياما حقيقيّا، كما توهّمه الأشاعرة القائلون بالمعاني القديمة. ۳
ويظهر بمجموع هذين الأمرين أنّ شيئا من أسمائه ليس قديما.
الثالث: أنّه لا يمكن معرفة كنه ذاته ولا شخصه ولو بأقصى ما بلغ إليه تدقيقات أذهان المخلوقين.
الرابع: أنّه ليس في الممكنات مجرّد، فليس كمثله شيء.
الخامس: بطلان قول الفلاسفة الزنادقة: إنّ كلّ حادث مسبوق بمادّة قديمة متحرّكة لا ابتداء لحركتها، كما نقل عن ابن سينا في أوّل الأوّل ۴ عند شرح الدليل الثاني. ۵
وأشار إلى الأمر الأوّل بقوله:
(اسْمُ اللّهِ غَيْرُهُ) . ۶ المراد بالاسم ما هو جزء للكلام النفسي، ويحمل عليه تعالى مواطأةً كالعالم.

1.اُنظر تفسير الرازي ، ج ۱ ، ص ۱۰۸ ؛ شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۲۰۷ ؛ شرح المقاصد ، ج ۲ ، ص ۱۶۹ .

2.حكاه في تفسير الرازي ، ج ۱ ، ص ۱۰۸ عن المعتزلة ؛ شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۲۰۷ ؛ شرح المقاصد ، ج ۲ ، ص ۱۶۹ .

3.حكاه عن الأشاعرة ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، ج ۱ ، ص ۷۴ ؛ وج ۲۰ ، ص ۲۲۷ .

4.أي الحديث ۱ من كتاب العقل والجهل .

5.الشفاء ، ص ۳۷۳ ، فضل ۱ ، انتشارات ناصر خسرو ، الطبعة الاُولى .

6.في حاشية «أ» : «اسم اللّه غيره ، سواء اُريد به اللفظ ، أو الكتابة ، أو المفهوم الذي يفتقر في وجوده وتعلّقه إلى غيره . وهذا الحكم ظاهر» الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۶۸ ، ذيل ح ۳۷۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 79448
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي