277
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

وقال بعض النحاة: إنّ إثبات «كاد» نفي، ونفيه إثبات. ۱
والأوّل حقّ؛ لأنّ إثبات «كاد» دالّ على نفي مضمون خبره؛ لأنّ القرب من الفعل لا يكون إلّا مع انتفاء الفعل. والثاني خطأ مبنيّ على الخلط بين نفي القرب وقرب النفي، أو على توهّم أنّ الإثبات هنا نفي مطلق، ونفي النفي المطلق يكون إثباتا.
والجواب: أنّ الإثبات هنا نفي خاصّ، ونفي النفي الخاصّ ليس إثباتا، بل ربّما كان من آكد النفي كما فيما نحن فيه.
وقد يستدلّ على أنّ نفيه إثبات بتخطئة الشعراء ذا الرمّة ۲ في قوله:

إذا غيّر الهَجْر۳المحبّين لم يكده۴رسيس۵الهوى من حبّ ميَّةَ يَبرَحُ۶
بقولهم: نراه قد برح حتّى أدّى ذلك إلى أن غيَّر ذو الرمّة «لم يكد» إلى «لم أجد». والجواب أن نخطّئهم ونصوّب ذا الرمّة في بديهته، وقد خطّأ المخطّئين وذا الرمّة في رويّته من قال حين سمع تلك الحكاية: أصابت بديهتُه، وأخطأت رويّتُهُ. ۷(تَسْتَبِينُهُ) . تقول: استبنت الشيء: إذا عرفته بيّنا.
(الْعُيُونُ) . اللام للعهد؛ أي العيون المعهودة الجارية في حدّتها على العادة.
(بَلْ لَا يَكَادُ يُسْتَبَانُ) لعين أصلاً، ولو كانت أحدّ من العيون المعهودة. ونائب الفاعل ضمير مستتر راجع إلى «ما».
(لِصِغَرِهِ) . الضمير راجع إلى «الخلق اللطيف» وما عطف عليه، أو إلى «ما».

1.شرح الرضي على الكافية ، ج ۴ ، ص ۲۲۳ ، دخول النفي على كاد .

2.هو غيلان بن عقبة بن مسعود الشاعر المعروف بذي الرمّة . وقد وردت أقوال في سبب تكنيته بذي الرمّة ، من أرادها فليرجع لترجمته في تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۸ ، ص ۱۴۲ ، الترجمة ۵۵۶۶ .

3.في المصادر : «النأي» بدل «الهجر» .

4.في «ج» : «يكد» .

5.في حاشية «أ» : «الرسيس : ابتداء الحبّ» . و في كتاب العين ، ج ۷ ، ص ۱۹۱ هو الشيء الثابت اللازم مكانه .

6.حكاه في كتاب العين ، ج ۷ ، ص ۱۹۱ (الرسّ) ؛ غريب الحديث لابن سلام ، ج ۴ ، ص ۴۲۶ ؛ الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۲ ، ص ۱۲ ؛ الكشّاف ، ج ۳ ، ص ۶۹ .

7.شرح الرضي على الكافية ، ج ۴ ، ص ۲۲۵ ، دخول النفي على كاد .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
276

(غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ تَشْرَحَ ذلِكَ لِي، فَقَالَ: يَا فَتْحُ، إِنَّمَا قُلْنَا: اللَّطِيفُ؛ لِلْخَلْقِ اللَّطِيفِ) أي الدقيق.
(لِعِلْمِهِ۱) ؛ متعلّق بالخلق.
(بِالشَّيْءِ اللَّطِيفِ) أي الدقيق.
(أَ وَلَا تَرى) . الواو للعطف على مقدّر، كأنّه قال: ألا ترى دقائق خلقه في نحو السماوات والأرضين، فإنّها مع عِظَمها روعي في خلقها دقائق لا تُحصى ولا ترى.
(وَفَّقَكَ اللّهُ وَثَبَّتَكَ إِلى أَثَرِ صُنْعِهِ فِي النَّبَاتِ اللَّطِيفِ) أي الصغير (وَغَيْرِ اللَّطِيفِ) ؛ فإنّ العروق الدقاق التي في الأوراق العظيمة ممّا يتحيّر الناظر فيه والمتأمّل له في لطف صانعه، ويعلم أنّها بلا علاج ولا أداة ولا آلة.
(وَمِنَ الْخَلْقِ اللَّطِيفِ) . دليل آخر، والواو للاستئناف النحوي، أو للعطف على «أولاترى» إلى آخره، عطفَ الخبر على الإنشاء. والظرفُ مستقرّ خبر مقدّم على المبتدأ.
(وَمِنَ الْحَيَوَانِ) . عطفٌ على «من الخلق» عطفَ المفصّل على المجمل.
(الصُّغَارِ) ؛ بضمّ الصاد، أي الصغير.
(وَمِنَ الْبَعُوضِ) ؛ بفتح الموحّدة، أي البقّ.
(وَالْجِرْجِسِ ) ؛ بكسر الجيم وسكون المهملة وكسر الجيم الثانية والمهملة: البعوض الصغار. ۲(وَمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهَا) أي من الجرجس من أنواع البعوض، أو من حيوان آخر.
(مَا) ؛ موصولة، وهي مبتدأ مؤخّر.
(لَا تَكَادُ۳) . «كاد» من أفعال المقاربة وهو موضوع لدنوّ حصول الخبر، وهو من باب علم.

1.في الكافي المطبوع : «ولعلمه» .

2.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۱۳ ؛ لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۷ (جرجس) .

3.في الكافي المطبوع : «لا تكاد» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 83966
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي