283
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

لشيء، ولا علّة لقديمٍ آخَرَ، والنفي الثاني لازم للنفي الأوّل.
(فَقَدْ بَانَ) أي ظهر (لَنَا بِإِقْرَارِ الْعَامَّةِ) أي إقرار المخالفين بأنّه تعالى قديم.
(مُعَجِّزَةِ۱) ؛ بالجرّ صفة للعامّة. وهي إمّا بالمهملة والجيم والمهملة، بصيغة اسم الفاعل، من باب التفعيل أو الإفعال. والتعجير والإعجار: التوسيع. وإمّا بالزاي بصيغة اسم المفعول، من باب التفعيل أو الإفعال. ومآل الكلّ واحد.
(الصِّفَةِ) ؛ بالجرّ مضاف إليه لمعجرة. وعلى الأوّلين اللام للعهد الخارجي؛ أي الصفة التي هي القدم. والمراد القائلون بأنّ القدم يسع متعدّدا.
وعلى الأخيرين اللام للجنس، أو للاستغراق. والمراد القائلون بأنّ صفاته تعالى موجودات في أنفسها في الخارج، قائمة به، قديمة معه، لم تزل معه في ديمومته.
(أَنَّهُ لَا شَيْءَ قَبْلَ اللّهِ، وَلَا شَيْءَ مَعَ اللّهِ فِي بَقَائِهِ) . يعني القول والإقرار بالقدم يستلزم ذلك.
(وَ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ) .
الضمير في «قبله» و«معه» راجع إلى اللّه تعالى، فزعم أنّه كان قبله شيء مفروض استظهارا وإشارةً إلى أنّ زعْم أنّه معه شيء كزعم أنّه كان قبله شيء.
ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى القديم المطلق.
(وَذلِكَ) . استدلالٌ على أنّ القدم إذا عُقل حقَّ تعقّله، عُلم أنّه ينافي التعدّد بأن يكون أحدهما معلولاً للآخر.
(أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ فِي بَقَائِهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ خَالِقا لَهُ) . المراد بالخالق هنا المؤثّر في وجود الشيء، سواء كان بالإيجاب أو بالاختيار. وإنّما لم يقل «فاعلاً» إشارةً إلى أنّ فعله لا يكون إلّا بالاختيار، فهو رمز إلى دليل آخر على عدم تعداد القديم.
(لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَعَهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ خَالِقا لِمَنْ لَمْ يَزَلْ مَعَهُ؟!) . تصريحٌ بما أشار إليه بقوله: «للعاقل» يعني أنّه ليس مفهوم القدم أمرا وجوديّا بأن يكون للقديم ظرف معيّن يؤثّر

1.في الكافي المطبوع : «مُعْجِزَةَ» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
282

(وَلَا أَدَاةٍ) أي وبلا جسم داخل في البدن يكون تحريكه وسيلة لفعلٍ كعضلات القبض والبسط والجوارح.
(وَلَا آلَةٍ) أي وبلا حالة موجودة في نفسها في الخارج يكون إحداثها وسيلة لفعل كحركة الروح الإنساني لتحريك عَضَلةٍ وعضوٍ لاستعمال علاج مثلاً.
(وَإنَّ۱) ؛ بكسر الهمزة للتحقيق، أو بفتحها للعطف على «أنّ خالق».
(كُلَّ صَانِعِ شَيْءٍ فَمِنْ شَيْءٍ) أي من مادّة (صَنَعَ، وَاللّهُ الْخَالِقُ اللَّطِيفُ الْجَلِيلُ) . ذكره لئلّا يُتوهّم من اللطفِ الصِغَرُ.
(خَلَقَ وَصَنَعَ لَا مِنْ شَيْءٍ) : لا من مادّة.
وحاصل الفرق بين لطف اللّه ولطف خلقه بأمرين: الأوّل: عدم العلاج والأداة، بل بمحض القدرة التي لا يمتنع منها دقيق ولا جليل، والعلم الذي لا يخفى معه دقيق ولا جليل. الثاني: عدم المادّة.
الثاني: (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ مُرْسَلاً، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ: قَالَ: اعْلَمْ ـ عَلَّمَكَ اللّهُ الْخَيْرَ ـ أَنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ قَدِيمٌ، وَالْقِدَمُ صِفَتُهُ الَّتِي دَلَّتِ الْعَاقِلَ) أي من عقل كنه المراد من القدم، وأنّه يرجع إلى معنى سلبي هو عدم انقطاع زمان وجوده في جانب الماضي، لا إلى معنى وجودي هو تحقّقه في زمان خاصّ يسمّى أزلاً، حتّى يتوهّم أنّه يمكن أن يوجد اللّه تعالى شيئا فيه، فيكون أثره أيضا قديما.
(عَلى أَنَّهُ لَا شَيْءَ قَبْلَهُ ) أي لم يصدر عن شيء.
(وَلَا شَيْءَ مَعَهُ) أي لم يصدر عنه شيء.
(فِي دَيْمُومَتِهِ۲) ؛ بفتح المهملة وسكون الخاتمة وضمّ الميم وسكون الواو وفتح الميم والمثنّاة فوقُ والضميرِ؛ أي في دوامه. والظرف متعلّق بالنفي الأخير.
والحاصل أنّ تعقّل مفهوم القدم يرشد إلى أنّه لا يمكن أن يكون ما هو قديم معلولاً

1.في الكافي المطبوع : «وأنّ» بفتح الهمزة .

2.في الكافي المطبوع : «ديموميّته» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 83889
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي