299
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

والمصمتيّة مشتركةً بينهما.
(تَعَالَى اللّهُ عَنْ ذلِكَ عُلُوّا كَبِيرا، فَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ مِنْ ذلِكَ، فَالْعَالِمُ عليه السلام أَعْلَمُ بِمَا قَالَ) . يمكن أن يكون تعبيرا عن السيّد المصمود إليه، فإنّ الأجوف قد يستعمل في الركيك في علمه أو عمله، والمصمت يقابله. واللّه تعالى ذو القوّة المتين العالم بكلّ شيء، فهو السيّد المصمود إليه.
(وَهذَا الَّذِي قَالَ عليه السلام ـ أَنَّ الصَّمَدَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ ـ هُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ :«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ».۱وَالْمَصْمُودُ إِلَيْهِ: الْمَقْصُودُ فِي اللُّغَةِ.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي بَعْضِ مَا كَانَ يَمْدَحُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله مِنْ شِعْرِهِ:

وَ بِالْجَمْرَةِ الْقُصْوى إِذَا صَمَدُوا لَهَايَؤُمُّونَ قَذْفا رَأْسَهَا بِالْجَنَادِلِ۲
يَعْنِي قَصَدُوا نَحْوَهَا يَرْمُونَهَا بِالْجَنَادِلِ، يَعْنِي الْحُصِيَّ)
بضمّ الحاء المهملة وكسر الصاد المهملة وشدّ الخاتمة، جمع «حصى» بفتح المهملتين وألف مقصورة، واحدها «حصاة».
(الصِّغَارَ) ؛ بكسر المهملة، جمع «الصغير».
(الَّتِي تُسَمّى بِالْجِمَارِ.وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ) أي قبل ظهور الإسلام وبعثة النبيّ صلى الله عليه و آله .

مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْتا ظَاهِرالِلّهِ فِي أَكْنَافِ مَكَّةَ يُصْمَدُ
يَعْنِي: يُقْصَدُ.
(وَقَالَ الزِّبْرِقَانُ) ؛ بكسر الزاي وسكون الموحّدة وكسر المهملة والقاف، شاعر بني تميم جاء مع قومه المدينة سنة تسع من الهجرة وأسلموا. ۳ وفي القاموس:
الزبرقان: القمر، والخفيف اللحية، ولقب الحصين بن بدر الصحابي لجماله، أو لصفرة

1.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

2.السيرة النبويّة لابن هشام ، ج ۱ ، ص ۱۷۷ ؛ السيرة النبويّة لابن كثير ، ج۱ ، ص ۴۸۷ . وذكر القصيدة كلّها نجم الدين العسكري في كتاب أبوطالب حامي الرسول صلى الله عليه و آله ، ص ۱۰۸ عن ديوان أبي طالب عليه السلام في ۱۰۶ بيتا .

3.السيرة النبويّة لابن هشام ، ج ۴ ، ص ۹۸۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
298

(وَاحِدٌ) أي لا إله إلّا هو.
(تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ) أي لم يكن موحّد له غير نفسه.
(فِي تَوَحُّدِهِ) أي في وقت توحّده بالوجود قبل خلق العالم.
(ثُمَّ أَجْرَاهُ) أي أجرى التوحيد.
(عَلى خَلْقِهِ) ؛ بأن كلّفهم بالتوحيد، أو جعلهم موحِّدين.
(فَهُوَ) أي فالآن نحن نوحِّده ونقول:
(وَاحِدٌ، صَمَدٌ، قُدُّوسٌ) . وقوله:
(يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْءٍ) ، ناظرٌ إلى تفسير «واحد». وقوله:
(وَيَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ) ، ناظرٌ إلى تفسير «صمد». وقوله:
(وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْما) . ناظرٌ إلى تفسير «قدّوس». فالنشر على ترتيب اللفّ.

الشرح:

(فَهذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِ الصَّمَدِ، لَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُشَبِّهَةُ أَنَّ تَأْوِيلَ الصَّمَدِ : الْمُصْمَتُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذلِكَ لَا يَكُونُ إِلَا مِنْ صِفَةِ الْجِسْمِ، وَاللّهُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ مُتَعَالٍ عَنْ ذلِكَ، هُوَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَقَعَ۱الْأَوْهَامُ عَلى صِفَتِهِ) أي على خصوصيّة ذاته، فإنّ المراد بوقوع الأوهام على الشيء إدراكه جزئيّا.
(أَوْ يُدْرَكَ۲كُنْهُ عَظَمَتِهِ) أي مقدارها، ولو كان جسما لزم إمكان إدراك مقدار عظمته.
(وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ الصَّمَدِ فِي صِفَةِ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْمُصْمَتَ لَكَانَ مُخَالِفا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ»۳؛ لِأَنَّ ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لَا أَجْوَافَ لَهَا، مِثْلِ الْحَجَرِ وَالْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لَا أَجْوَافَ لَهَا) ؛ فتكون الجسميّة

1.في الكافي المطبوع : «تقع» .

2.في الكافي المطبوع : «تدرك» .

3.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 66222
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي