317
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

اشتدّت؛ وموتٌ أحمر، أي شديد؛ وسنةٌ حمراء، أي شديدة مجدِبة. ۱ وإسناد الفعل إلى المصدر مجاز.
والحمرة هنا عبارة عن مشيئته تعالى مشيّةَ حتم، أي متعلّقة بأفعاله تعالى كتكوين السماوات والأرض ونحوهما، دون ما تعلّق بأفعال عباده، فإنّه مشيئة عزم. ويجيء الفرق بين المشيئتين في رابع السادس والعشرين. ۲(وَنُورٍ أَخْضَرَ ، مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَةُ) . المراد بالخضرة ما هو حال المخلوق الذي لم يستقرّ الإيمان ولا الكفر في قلبه، كالمستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، وكالمجانين وكالأطفال الرُضّع ونحوهم، وكأنواع سائر الحيوانات تشبيها لهم بالنبات في أوائل ظهوره، واُصول أنواع الخضرة سبعة وثلاثون، كما يظهر ممّا يجيء في «كتاب الصلاة» في أوّل «باب النوادر». ۳(وَنُورٍ أَصْفَرَ ، مِنْهُ اصْفَرَّتِ الصُّفْرَةُ) . المراد بالصفرة ما هو حال الكافر الجاهل باللّه تعالى وبحججه وأحكامه عن عداوة، لا عن استضعاف؛ لما كان الإيمان حياةً، والكفر موتا، والصفرة لونَ الميّت ومن يقرب من الموت؛ عبّر عن الكفر بالصفرة.
(وَنُورٍ أَبْيَضَ ، مِنْهُ الْبَيَاضُ) . المراد بالبياض الإيمان الخالص باللّه وحججه وأحكامه، والبياض يناسب الإيمان الذي لا كدورة فيه، ومنه الحواريّون، وهم خواصّ عيسى عليه السلام ، فإنّ الحوار: البياض، والتحوير: التبييض.
(وَهُوَ) . الضمير للعرش.
(الْعِلْمُ الَّذِي حَمَّلَهُ اللّهُ) . المراد بالعلم كتاب اللّه ، فإنّه مفيد للعلم بتوسّط الآيات البيّنات المحكمات المخرجة من الظلمات إلى النور، و«حمّله» بالمهملة وشدّ الميم، والضمير مفعول ثان قدّم؛ لأنّه ضمير متّصل.

1.معجم مقاييس اللغة ، ج ۲ ، ص ۱۰۱ ؛ النهاية ، ج ۱ ، ص ۴۳۸ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۱۰ (حمر) .

2.أي في الحديث ۴ من باب المشيئة والإرادة .

3.الكافي ، ج ۳ ، ص ۴۸۲ ، باب النوادر ، ح ۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
316

الأوّل: (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ رَفَعَهُ، قَالَ: سَأَلَ الْجَاثَلِيقُ) ؛ بالجيم وفتح المثلّثة وكسر اللام وسكون الخاتمة والقاف: رئيس للنصارى في بلاد الإسلام مثل كوفة وبغداد، ويكون تحت يد بطريق إنطاكية، ثمّ المِطران تحت يده، ثمّ الاُسقُفُّ يكون في كلّ بلد من تحت المِطران، ثمّ القسّيس، ثمّ الشماس. ۱(أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ : أَخْبِرْنِي عَنِ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَحْمِلُ الْعَرْشَ أَمِ الْعَرْشُ يَحْمِلُهُ؟ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : «اللّهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ حَامِلُ الْعَرْشِ وَالسَّمَاوَاتِ) عطف تفسير إن اُريد بالعرش جميع المخلوقات، وعطف انفكاك إن اُريد بالعرش ما يجلس عليه في الآخرة أربعة من الأوّلين، وأربعة من الآخرين. ۲(وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا، وَذلِكَ قَوْلُ) أي وكون اللّه تعالى حاملاً للعرش مفاد قول:
(اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) في سورة فاطر: («إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَ لَـئن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا»۳» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ) في سورة الحاقّة:
(«وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَـئذٍ ثَمَـنِيَةٌ»۴
» فَكَيْفَ قَالَ ذلِكَ، وَقُلْتَ: إِنَّهُ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟!)
، يعني أنّ ما قلت من أنّه حامل للعرش ينافي هذه الآية، فإنّها تدلّ على أنّ حامل العرش غيره، فهو تعالى محمول له بالواسطة.
(فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : إِنَّ الْعَرْشَ خَلَقَهُ اللّهُ تَعَالى مِنْ أَنْوَارٍ أَرْبَعَةٍ) أي بسبب أربعة أنواع من المصالح معلومةٍ له تعالى مقتضيةٍ لخلق ما خلق من جملة العرش.
(نُورٍ أَحْمَرَ ، مِنْهُ احْمَرَّتِ الْحُمْرَةُ) . المراد بالحمرة الشدّة، يُقال: احمرّ الحرب، أي

1.فاطر (۳۵) : ۴۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۱۷ ؛ تاج العروس ، ج ۱۳ ، ص ۵۹ . وحكاه المازندراني في شرح اُصول الكافي ، ج ۵ ، ص ۳۱۰ .

3.في «ج» : - «عطف تفسير إن اُريد بالعرش» إلى هنا .

4.الحاقّة (۶۹) : ۱۷ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80519
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي