319
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

(فَكُلُّ مَحْمُولٍ) أي إذا كان بعظمته ونوره إبصار قلوب المؤمنين ومعاداة الجاهلين وابتغاء من في السماء والأرض إليه الوسيلة، كان كلّ من المؤمنين والجاهلين ومن في السماء والأرض محمولاً.
(يَحْمِلُهُ اللّهُ بِنُورِهِ وَعَظَمَتِهِ) أي بمصلحته المعلومة له وكبريائه. والجملة استئناف بياني للسابق.
(وَقُدْرَتِهِ) . إشارة إلى ما في نهج البلاغة من قول أمير المؤمنين عليه السلام : «لئن أمهل اللّه الظالم فلن يفوته أخذه، وهو له بالمرصاد». ۱(لَا يَسْتَطِيعُ) . الضمير المستتر لـ «كُلُّ» والجملة استئناف بياني للاستئناف السابق.
(لِنَفْسِهِ ضَرّا وَلَا نَفْعا، وَلَا مَوْتا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورا) . الاستطاعة قدرة زائدة على ذات القادر لم تتعلّق مشيئة من لا يقع إلّا ما يشاء بما ينافي المقدور بتلك القدرة. وسيجيء في ثاني «باب الاستطاعة» أنّها لا تتعلّق إلّا بالواقع من الفعل والترك في وقتهما، لا قبل وقتهما؛ فالمراد بنفي الاستطاعة نفي الاستطاعة ما دام لم يشأ اللّه ، أو قبل الوقت. وهذا ردّ على القدريّة المفوّضة، أي القائلين بأنّ العبد مستقلّ في القدرة، وأنّه يكون ما لا يشاء اللّه . ۲(فَكُلُّ شَيْءٍ مَحْمُولٌ) أي إذا ثبت أنّ كلّ واحد من العباد محمول للّه ، ثبت أنّ فعله أيضا محمول للّه ، فثبت أنّ كلّ شيءٍ محمول للّه .
(وَاللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ الْمُمْسِكُ لَهُمَا) أي للسماوات والأرض.
(أَنْ تَزُولَا، وَالْمُحِيطُ بِهِمَا) أي الحافظ لهما.
(مِنْ شَيْءٍ) ؛ من للسببيّة، أي لأجل مصلحة.
(وَهُوَ) . الضمير لـ «شيء».

1.نهج البلاغة ، ص ۱۴۲ ، الخطبة ۹۷ . وفيه : «يفوت» بدل «يفوته» .

2.قال في شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۱۴۶ : «وقالت المعتزلة (أي أكثرهم) : الأفعال الاختيارية واقعة بقدرة العبد وحدها على سبيل الاستقلال بلا إيجاب ، بل باختيار» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
318

(الْحَمَلَةَ) ؛ بفتح المهملة وفتح الميم، جمع «حامل» مفعول أوّل اُخّر. والمراد حَمَلة العرش، يعني أنّ حمل العرش هنا عبارة عن حمل العلم.
(وَذلِكَ) أي العلم المذكور (نُورٌ مِنْ عَظَمَتِهِ) أي بسبب عظمته وكبريائه؛ يعني أنّ اللّه تعالى لعظمته أنزل الكتاب، منعا لمن يصلح للتكليف عن الاستبداد بالرأي، فلولا عظمته لم ينزل كتابا، ولولا الكتاب والتكليف لم يتميّز كلّ من المؤمنين والجاهلين ومَن في السماء والأرض عن الآخرين.
(فَبِعَظَمَتِهِ وَنُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنُورِهِ ابْتَغى مَنْ فِي السَّمَاءِ۱
وَالْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ خَلَائِقِهِ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْأَدْيَانِ الْمُشْتَبِهَةِ)
.
هذا بيان للنور الأخضر والنور الأصفر والنور الأبيض، والنشر فيه على عكس ترتيب اللفّ. ولم يبيّن النور الأحمر لأنّه لا نزاع للقدريّة فيه وفي مقتضاه.
و«أبصر» من اللازم. و«قلوب» مرفوع فاعل «أبصر». واستعير السماء للدِّين الحقّ، والأرض للدِّين الباطل، كما في آية سورة الأعراف: («وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ»۲) .
والمراد بمن في السماء والأرض من هو بين الإيمان والكفر كالمستضعف، فإنّه إن كان مقلّدا لأهل الحقّ بدون بصيرة، لم يخرج الباطل من قلبه بالكلّيّة، فربّما مالَ إليه؛ وإن كان مقلّدا لأهل الباطل، لم يخرج الحقّ من قلبه بالكلّيّة، فربّما مالَ إليه، كما يدلّ عليه قوله: «والأديان المشبّهة».
و«من» في «من جميع» للتبعيض. وفي كتاب الروضة في حديث أبي الحسن موسى عليه السلام ما يشبه هذه الفقرة، ۳ وله معنى آخر.

1.في الكافي المطبوع : «السموات» .

2.الأعراف (۷) : ۱۷۶ .

3.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۲۴ ، ح ۹۵ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80445
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي