قلت: يحتمل أن يكون لحمل ذلك العلم مراتبُ متفاوتةٌ باعتبار العمل بمقتضاه شدّةً وضعفا، ويكون حمل هؤلاء الثمانية إيّاه فوق حمل سائر علماء الخلائق إيّاه شدّةً.
ثمّ يحتمل أن يكون التقييد بقوله: «يومئذٍ» باعتبار أنّهم يُعْطَوْن ثوابَ ذلك الحمل في ذلك اليوم بحيث يظهر لسائر الخلائق أنّهم الحاملون إيّاه ذلك الحملَ.
وأمّا ما يجيء في «كتاب الحجّ» في رابع «باب فضل زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام » من قول أبي الحسن موسى عليه السلام : «إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرحمان أربعة من الأوّلين، وأربعة من الآخرين؛ فأمّا الأربعة الذين هم من الأوّلين، فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، وأمّا الأربعة من الآخرين، فمحمّد وعليّ والحسن والحسين عليهم السلام ، ثمّ يُمدّ الطعام، ۱ فيقعد معنا من زار قبور الأئمّة عليهم السلام إلّا أنّ أعلاهم درجةً وأقربَهم حبوةً زوّار قبر ولدي عليّ». ۲ فهو سرير في غاية الكمال يجلس عليه الحاملون للعلم.
لا يخفى أنّ قوله عليه السلام : «معنا» إشارة إلى أنّ ذكر الأربعة من الآخرين باعتبار أنّهم كانوا موجودين في عصر نزول القرآن، فسائر الأئمّة عليهم السلام شريكهم في ذلك الحمل وما يترتّب عليه.
(وَلَيْسَ يَخْرُجُ عَنْ هذِهِ الْأَرْبَعَةِ) أي الحمرة والخضرة والصفرة والبياض، أو المراد الأربعة الأنوار، بمعنى أنّه لا يخرج عن الاستناد إلى شيء من الأربعة الأنوار التي خلق العرش منها.
(شَيْءٌ خَلَقَ اللّهُ فِي مَلَكُوتِهِ ) . الملكوت ـ بفتحتين ـ في الأصل مصدر، وهو مبالغة الملك. والمراد هنا المملكة. ويمكن أن يكون المراد المعنى المصدريَّ بأن يكون «في» للسببيّة.
(وَهُوَ) أي ملكوته تعالى باعتبار أفعال العباد وكونها مخلوقة للّه تعالى حتّى معاصيهم وكفرهم.