419
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

الحادي عشر: (عَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ اللّهَ لَمْ يَبْدُ لَهُ مِنْ جَهْلٍ) .
ردٌّ على من توهّم أنّ نسبة البداء إليه تعالى نسبة بداء ندامة، وعلى من نسب الندامة إليه تعالى.
الثاني عشر: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : هَلْ يَكُونُ الْيَوْمَ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِ اللّهِ بِالْأَمْسِ؟ قَالَ: لَا) أي لا يكون.
(مَنْ قَالَ هذَا) . يحتمل أن يكون الإشارة إشارةً إلى أن يكون اليوم شيء لم يكن في علم اللّه ، وأن يكون إشارةً إلى مبنى السؤال؛ كأنّه عليه السلام علم أنّ سؤاله هذا مبنيّ على نسبة المخالفين إلينا إنّا قائلون ببداء الندامة.
(فَأَخْزَاهُ اللّهُ) أي أذلّه وفضحه.
(قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ) . لمّا كان السؤال الأوّل مختصّا بمثال، أراد السؤال صريحا عن العامّ.
(مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَ لَيْسَ فِي عِلْمِ اللّهِ؟) . إن اُريد بيوم القيامة الزمان المخصوص، فيحتمل أن يكون سؤاله سؤالاً عن كلّ واحد من الكائنات وعن مجموعها؛ وإن اُريد به الزمان الغير المتناهي وقد يستعمل فيه عرفا، فالسؤال إنّما هو عن كلّ واحد؛ لأنّ غير المتناهي الموجود في نفسه في الخارج لا مجموع له، بمعنى أنّه ليس لمفهوم المجموع فيه فرد حقيقي. وتحقيقه في محلّ آخر.
(قَالَ: بَلى، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ) . أي المخلوق.
الثالث عشر: (عَلِيٌّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ: لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْقَوْلِ بِالْبَدَاءِ مِنَ الْأَجْرِ) . مضى في أوّل الباب وثانيه.
(مَا فَتَرُوا) . «ما» نافية. والفترة والفتور: الانكسار والضعف، وفتر كنصر. وذلك لأنّ كلّ عمل تكثر الدواعي إليه وتقوى لا يحصل لفاعله فيه فتور وإن شقّ.


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
418

وقد نقل أمثال ذلك عن الأنبياء، كما يجيء في «كتاب الزكاة» في ثالث «باب أنّ الصدقة تدفع البلاء» أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: «إنّ هذا اليهودي يَعَضُّه أسودُ في قفاه فيقتله، ثمّ لم يقع، ففتّش عن حطب كان على كتفه، فإذا أسود عاضّ على عود». ۱
وكذلك كان اعتقاد الملائكة أنّ اللّه تعالى ليس بجاعل في الأرض خليفة، فلمّا أخبر اللّه تعالى بذلك قالوا: «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ»۲ الآية في سورة البقرة، وسيجيء الفرق بين الرسول والنبيّ في «كتاب الحجّة» في «باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة عليهم السلام ». ۳
العاشر: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: مَا بَدَا لِلّهِ فِي شَيْءٍ) . الضمير المستتر في «بدا» راجع إلى المصدر بنوع من المجاز، نظير: جدَّ جدّه، ونظير: حيل بين العير والنزوان؛ ۴ أي ما وقع بداء للّه تعالى في شيء.
(إِلَا كَانَ) . الضمير المستتر راجع إلى مصدر «بدا» أو إلى «شيء».
(فِي عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ) .
هذا ردّ على من توهّم من لفظ البداء أنّ نسبته إلى اللّه تعالى نسبة بداء ندامة، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا؛ وعلى اليهود حيث زعموا أنّ اللّه ندم على خلق بني آدم فأرسل إليهم الطوفان، ثمّ ندم على الطوفان؛ أو ردّ على من زعم أنّه تعالى لا يعلم الجزئيّات إلّا حين وقوعها، وأمّا قبل الوقوع فلا يعلم إلّا المهيّة، ۵ كما يجيء في سابع عشر الباب.

1.الكافي ، ج ۴ ، ص ۵ ، ح ۳ مع اختلاف يسير .

2.البقرة (۲) : ۳۰ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۷۴ .

4.تقدّم توضيحه .

5.في حاشية «أ» : «لعلّه الفخر الرازي في المحصّل (منه)». اُنظر المحصّل ، ص ۴۸۳ ؛ تفسير الرازي ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ ؛ معارج الفهم ، ص ۲۸۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80432
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي