الاُولى: أنّه لو أراد اللّه عصيان العاصي لكان تكليفه بالطاعة تكليفا بغير المقدور. ۱
الثانية: أنّ إرادة العصيان قبيحة لا تصدر عن اللّه . ۲ والظاهر من رواية ابن بابويه هذا في كتاب التوحيد في «باب التوحيد ونفي التشبيه» ۳ أنّه لدفع الثانية.
وتقرير الدفع: أنّ للّه تعالى إرادتين: إحداهما: إرادة حتم؛ أي لا تبقى معها للعبد قدرة واختيار، بل يصير المراد محتوما كإرادة مرض العبد وصحّته. وثانيتهما: إرادة عزم؛ أي يبقى للعبد معها اختيار وعزم. وقد مرّ بيان الثانية في أوّل الخامس والعشرين. ۴
وإرادة اللّه لعصيان العاصي إرادة عزم لا إرادة حتم؛ لاستحالة تعلّقها مع بقاء التكليف، فلا يلزم تكليف ما لا يُطاق؛ لأنّ وجوب العصيان بالنسبة إلى إرادة اللّه تعالى للعصيان وجوب لاحق لا سابق، ولا يلزم أيضا أن يصدر عن اللّه قبيح، وقس على ذلك مشيئته تعالى لعصيان العاصي.
(يَنْهى) أي قد ينهى عن شيء.
(وَهُوَ يَشَاءُ) أي المنهيَّ عنه مشيئةَ عزم. وهذا كاف في الجواب عن شبهتي المعتزلة، وأمّا قوله:
(وَيَأْمُرُ) أي وقد يأمر بشيء.
(وَهُوَ لَا يَشَاءُ) أي المأمور به. ومعناه أنّه يشاء عدم المأمور به بقرينة قوله في آخر الحديث: «مشيئة اللّه » فالمراد به بيان مشيئة الحتم ليتّضح الأمران.
(أَ وَمَا رَأَيْتَ) . نشر على ترتيب اللفّ. وهذا ناظر إلى قوله: «ينهى، وهو يشاء»،