451
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

الاُولى: أنّه لو أراد اللّه عصيان العاصي لكان تكليفه بالطاعة تكليفا بغير المقدور. ۱
الثانية: أنّ إرادة العصيان قبيحة لا تصدر عن اللّه . ۲ والظاهر من رواية ابن بابويه هذا في كتاب التوحيد في «باب التوحيد ونفي التشبيه» ۳ أنّه لدفع الثانية.
وتقرير الدفع: أنّ للّه تعالى إرادتين: إحداهما: إرادة حتم؛ أي لا تبقى معها للعبد قدرة واختيار، بل يصير المراد محتوما كإرادة مرض العبد وصحّته. وثانيتهما: إرادة عزم؛ أي يبقى للعبد معها اختيار وعزم. وقد مرّ بيان الثانية في أوّل الخامس والعشرين. ۴
وإرادة اللّه لعصيان العاصي إرادة عزم لا إرادة حتم؛ لاستحالة تعلّقها مع بقاء التكليف، فلا يلزم تكليف ما لا يُطاق؛ لأنّ وجوب العصيان بالنسبة إلى إرادة اللّه تعالى للعصيان وجوب لاحق لا سابق، ولا يلزم أيضا أن يصدر عن اللّه قبيح، وقس على ذلك مشيئته تعالى لعصيان العاصي.
(يَنْهى) أي قد ينهى عن شيء.
(وَهُوَ يَشَاءُ) أي المنهيَّ عنه مشيئةَ عزم. وهذا كاف في الجواب عن شبهتي المعتزلة، وأمّا قوله:
(وَيَأْمُرُ) أي وقد يأمر بشيء.
(وَهُوَ لَا يَشَاءُ) أي المأمور به. ومعناه أنّه يشاء عدم المأمور به بقرينة قوله في آخر الحديث: «مشيئة اللّه » فالمراد به بيان مشيئة الحتم ليتّضح الأمران.
(أَ وَمَا رَأَيْتَ) . نشر على ترتيب اللفّ. وهذا ناظر إلى قوله: «ينهى، وهو يشاء»،

1.أي في الحديث ۱ من باب في أنّه لا يكون شيء في السماء والأرض إلّا بسبعة .

2.المغني في أبواب العدل والتوحيد ، ص ۲۱۸ ؛ شرح الاُصول الخمسة ، ص ۳۱۶ . وحكاه العلّامة في معارج الفهم ، ص ۴۱۳ عن المعتزلة .

3.التوحيد ، ص ۳۰ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
450

(وَلَوْ شَاءَ لَسَجَدَ ) ؛ يعني ولو تحقّق مشيئته تعالى للسجدة في ضمن فردها الذي هو موافق لمذهب المعتزلة ـ وهو أن يكون بحيث إذا قدر على اللطف المفضي إلى اختيار السجدة لفعل ـ لصدر السجدة عن إبليس.
(وَنَهى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ، وَشَاءَ أَنْ يَأْكُلَ،۱وَلَوْ لَمْ يَشَأْ) أي لو شاء عدم الأكل في ضمن الفرد الموافق لمذهب المعتزلة.
(لَمْ يَأْكُلْ) . أوّل الشيخ ميثم البحراني في شرحه الكبير لنهج البلاغة نهيَ آدم وزوجَته بنهي أولادهما عن قرب شجرة العصيان، والجنّةَ برضوان اللّه ؛ لأنّ هذا أقرب من جعل النهي للتنزيه مع قوله: «عَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى»۲ ونحو ذلك.
الرابع: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيِّ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِيِّ جَمِيعا، عَنِ الْفَتْحِ بْنِ يَزِيدَ الْجُرْجَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ) أي الرضا عليه السلام .
(قَالَ: إِنَّ لِلّهِ اِءِرَادَتَيْنِ وَمَشِيئَتَيْنِ: إِرَادَةَ حَتْمٍ، وَإِرَادَةَ عَزْمٍ) . ۳
دفع شبهتين للمعتزلة:

1.في الكافي المطبوع : + «منها» .

2.طه (۲۰) : ۱۲۵ .

3.في حاشية «أ» : «قوله : إرادةَ حتم وإرادة عزم ، لعلّ المراد بإرادة الحتم الإرادةُ المستجمعة لشرائط التأثير المنجرّة إلى الإيجاب والإيجاد وكذا المشيّة . والمراد بإرادة العزم الإرادةُ المنتهية إلى طلب المراد والأمر أو النهي ، وينفكّ أحدهما عن الآخر ؛ ينهى عن الشيء ويريد تركه ويطلبه وهو يشاء المنهيّ ، ويتعلّق مشيّته المستجمعة لشرائط التأثير به ولو بالتبع ؛ ويأمر بالشيء ويطلبه ويريد فعله وهو لا يشاء فعله تلك المشيّة ، كما أنّه نهى آدم و زوجتَه عن الأكل من الشجرة ويشاء ذلك ، ولو لم يشأ أن يأكل ، أو شاء تركَ الأكل ، لم يغلب إرادتهما ومشيّتهما مشيّةَ اللّه . وأمر إبراهيم عليه السلام بذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ، ولو شاء لما غلب مشيّةُ إبراهيم تركَ ذبحه مشيّةَ اللّه في ذبحه . وفي هذه الرواية دلالة على أنّ الأمر بذَبح إسحاق وأنّه عليه السلام لم يشأه ، وأمّا على أنّ ما وقع من الإقدام على الذَبح والفداء بالنسبة إليه فلا . ويحتمل وقوع هذا الأمر ونسخه وتغييره إلى الأمر بذبح إسماعيل و وقوعَ الإقدام على الذبح ومقدّماته بالنسبة إليه (ميرزا رحمه الله)» . الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۸۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80422
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي