الباب الثلاثون : بَابُ الْجَبْرِ وَ الْقَدَرِ وَ الْأَمْرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ
فيه أربعة عشر حديثا.
المذاهب في أفعال العباد خمسة، اثنان للجبريّة، وهما مذهب جهم بن صفوان الترمذي ـ بكسر المثنّاة فوق ۱ وسكون المهملة وكسر الميم ومهملة ۲ ـ ومَن تبعه، ومذهب الأشاعرة، وواحد للقدريّة وهم المعتزلة، وواحد لأهل الأمر بين الأمرين، أي بين الجبر والقدر، وهم أهل الحقّ، وواحد حدث من مزج الفلسفة بقواعد المعتزلة، وهو مذهب أبي الحسين البصري من المعتزلة ومن تبعه، وهذا قولٌ بالجبر والقدر معا.
مذهب جهم: أنّ حركة الماشي كحركة المرتعش وكحركة الورق في الشجر، وفاعل الجميع هو اللّه بلا مقارنة قدرة في العبد أصلاً، وأنّه لا يستحقّ العبد مدحا ولا ذمّا عقلاً. ۳ وهذا غلوّ في الجبر.
ومذهب الأشاعرة: أنّ فاعل الجميع هو اللّه ، لكن حركة الماشي ليست كحركة المرتعش، فإنّ الاُولى مجامعة لقدرة في العبد غير مؤثّرة، بخلاف الثانية، فالاُولى بكسب العبد دون الثانية، ومعنى الكسب أنّ الفعل أو الترك مقارنة القدرة ۴ في العبد غير