487
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

وقيل: اكفف؛ ۱ أي مه عن مثل هذا الكلام الدالّ على توهّم أنّه لا أجر لعبدٍ في عمل.
(يَا شَيْخُ، فَوَ اللّهِ، لَقَدْ عَظَّمَ) ؛ بشدّ الظاء.
(اللّهُ لَكُمُ الْأَجْرَ فِي مَسِيرِكُمْ) . مصدر ميمي؛ أي إلى أهل الشام.
(وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ) أي فاعل السير أنتم، لا غيركم. وهو لردّ توهّم الجبر على مذهب جهم، أو مذهب الأشاعرة.
(وَفِي مُقَامِكُمْ) ؛ بضمّ الميم مصدر ميمي؛ أي لبثكم بحذاء العدوّ بصفّين.
(وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ) ، لا غيركم.
(وَفِي مُنْصَرَفِكُمْ) ؛ بفتح الراء، مصدر ميمي.
(وَأَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ) لا غيركم، وأمّا قوله:
(وَلَمْ تَكُونُوا فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِكُمْ) أي المسير والمقام والمنصرف (مُكْرَهِينَ) ، بفتح الراء.
(وَلَا إِلَيْهِ) أي إلى شيء من حالاتكم (مُضْطَرِّينَ) ؛ فلردّ توهّم الجبر الذي هو مذهب أبي الحسين كما مرَّ آنفا، وليس المقصود بيان العلّة للأجر وتعظيمه، وإلّا لكان الأنسب حذفَ الواو؛ لكمال الاتّصال.
والإكراه والاضطرار واحد إلّا أنّ الأوّل أشدّ من الثاني، ولذا نفى الأضعف بعد نفي الأشدّ، ولمّا كان القول بامتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة مستلزما للقول بأنّ العبد الفاعل لأفعال نفسه مضطرّ مكروه في صورة مختار، ويستلزم ذلك أيضا بطلان الأجر كمذهب جهم والأشاعرة، احتيج إلى الردّ على هذا القول أيضا بعد الردّ على قولهما.
(فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: وَكَيْفَ لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِنَا مُكْرَهِينَ، وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ ) . علم الشيخ من ثبوت تعظيم الأجر مع ثبوت القضاء والقدر بطلانَ مذهب جهم والأشاعرة، وذلك لأنّ الضرورة قاضية باستلزامهما نفي الثواب والعقاب، وإنّما حصلت لهم شبهة

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۵۰ (مه) .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
486

(يَا شَيْخُ، مَا عَلَوْتُمْ تَلْعَةً) ؛ بفتح المثنّاة فوق وسكون اللام ومهملة: ما ارتفع من الأرض؛ من تلع النهار كمنع، أي ارتفع. وقيل: التلاع: مجاري أعلى الأرض إلى بطون الأودية. ۱(وَلَا هَبَطْتُمْ بَطْنَ وَادٍ) . بطن الوادي: ما بين طرفيه من الأرض المنخفض.
(إِلَا بِقَضَاءٍ مِنَ اللّهِ وَقَدَرٍ) . ليس ذلك مقصورا على محلّ السؤال، ففي نهج البلاغة: «اللّهُمَّ إنّك آنس الآنسين لأوليائك» إلى قوله: «وإن صبّت عليهم المصائب لجاؤوا إلى الاستجارة بك علما بأنَّ أزمّة الاُمور بيدك، ومصادرها عن قضائك». ۲(فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: عِنْدَ اللّهِ أَحْتَسِبُ) ؛ بصيغة المتكلِّم وحده من المضارع. والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العدّ. وإنّما يُقال لمن ينوي بعمله وجهَ اللّه : احتسبه؛ لأنّ له حينئذٍ أن يعتدّ ب«عمله»، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنّه معتدّ به.
واحتساب الشيء عند اللّه كما يكون في الأعمال الصالحات، يكون عند نزول البلايا والمكروهات، وهو عند المكروهات، البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر. هذا أصله، وقد يُستعمل في مجرّد إظهار الكراهة والتضجّر.
وكلام الشيخ من الأوّل؛ لأنّه ذكر ذلك حين سمع ما يوهم الغلط من الإمام، ولم يخرج عن موالاته صبرا وانتظارا للفرج بالكشف عن الحقّ. أو من الثاني؛ لأنّه ذكر ذلك حين اعتقد أنّه لا أجر لعبدٍ على عمل؛ لأنّ العبد في فعله مجبور، إنّما له العوض، والسعي للعوض سهل.
(عَنَائِي) ؛ بفتح المهملة والنون والمدّ: النصب والتعب يُريد تعبه في سماع الجواب، أو في المسير إلى ۳ الشام، فإنّه لم يترتّب باعتقاده ما قصده به من الأجر.
(يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ) ؛ بفتح الميم وسكون الهاء، اسم فعل بمعنى اسكت،

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۹۲ ؛ تاج العروس ، ج ۱۱ ، ص ۴۷ (تلح) .

2.نهج البلاغة ، ص ۳۴۹ ، ح ۲۲۷ .

3.في «ج» : + «أهل» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80561
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي