وقيل: اكفف؛ ۱ أي مه عن مثل هذا الكلام الدالّ على توهّم أنّه لا أجر لعبدٍ في عمل.
(يَا شَيْخُ، فَوَ اللّهِ، لَقَدْ عَظَّمَ) ؛ بشدّ الظاء.
(اللّهُ لَكُمُ الْأَجْرَ فِي مَسِيرِكُمْ) . مصدر ميمي؛ أي إلى أهل الشام.
(وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ) أي فاعل السير أنتم، لا غيركم. وهو لردّ توهّم الجبر على مذهب جهم، أو مذهب الأشاعرة.
(وَفِي مُقَامِكُمْ) ؛ بضمّ الميم مصدر ميمي؛ أي لبثكم بحذاء العدوّ بصفّين.
(وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ) ، لا غيركم.
(وَفِي مُنْصَرَفِكُمْ) ؛ بفتح الراء، مصدر ميمي.
(وَأَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ) لا غيركم، وأمّا قوله:
(وَلَمْ تَكُونُوا فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِكُمْ) أي المسير والمقام والمنصرف (مُكْرَهِينَ) ، بفتح الراء.
(وَلَا إِلَيْهِ) أي إلى شيء من حالاتكم (مُضْطَرِّينَ) ؛ فلردّ توهّم الجبر الذي هو مذهب أبي الحسين كما مرَّ آنفا، وليس المقصود بيان العلّة للأجر وتعظيمه، وإلّا لكان الأنسب حذفَ الواو؛ لكمال الاتّصال.
والإكراه والاضطرار واحد إلّا أنّ الأوّل أشدّ من الثاني، ولذا نفى الأضعف بعد نفي الأشدّ، ولمّا كان القول بامتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة مستلزما للقول بأنّ العبد الفاعل لأفعال نفسه مضطرّ مكروه في صورة مختار، ويستلزم ذلك أيضا بطلان الأجر كمذهب جهم والأشاعرة، احتيج إلى الردّ على هذا القول أيضا بعد الردّ على قولهما.
(فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: وَكَيْفَ لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِنَا مُكْرَهِينَ، وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ ) . علم الشيخ من ثبوت تعظيم الأجر مع ثبوت القضاء والقدر بطلانَ مذهب جهم والأشاعرة، وذلك لأنّ الضرورة قاضية باستلزامهما نفي الثواب والعقاب، وإنّما حصلت لهم شبهة