(لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ) . دليل على إبطال مذهب أبي الحسين، ويبطل به مذهب جهم والأشاعرة: أيضا، وتقريره: أنّ الثواب هو الأجر، وهو نفع مقارن للتعظيم والمحمدة، والعقاب ضرّ مقارن للإهانة واللوم، ولا يتصوّران مع شيء من معاني الجبر، لأنّ كلّاً منهما مع بيّنة وحجّة بالغة، وإلّا كان سفها يتعالى عنه.
وبهذا يحصل الفرق بين الأجر والعوض؛ ففي نهج البلاغة: وقال عليه السلام لبعض أصحابه في علّة اعتلّها: «جعل اللّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك، فإنّ المرض لا أجر فيه، ولكنّه يحطّ السيّئات، ويحتّها حتّ الأوراق، وإنّما الأجر في القول باللسان والعمل بالأيدي والأقدام، وأنّ اللّه سبحانه يُدخِل بصدق النيّة والسريرة الصالحة مَن يشاء من عباده الجنّة». ۱
وقال فيه السيّد الرضيّ رحمه الله:
وأقول: صدق عليه السلام إنّ المرض لا أجر فيه؛ لأنّه من قبيل ما يستحقّ عليه العوض؛ لأنّ العوض يستحقّ على ما كان في مقابلة فعل اللّه تعالى بالعبد من الآلام والأمراض وما يجري مجرى ذلك، والأجر والثواب يستحقّان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بيّنه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب، ورأيه الصائب. انتهى. ۲
ويندفع بهذا التقرير ما قيل في تجويز العقاب على النسيان أو الخطأ من أنّ الذنوب كالسموم، فكما أنّ تناولها يؤدّي إلى الهلاك وإن كان خطأً، فتعاطي الذنوب لا يبعد أن يفضي إلى العقاب وإن لم تكن عزيمة. انتهى. ۳ يريد أنّها كسائر العادّيّات المترتّبة على أسبابها من غير لزوم عقلي ولا اتّجاه سؤال.
وفيه: أنّ لوم المجبور سفاهة، فيتوجّه فوق السؤال، وكذا يندفع ما يقال من أنّ عقاب الكافر كإحراق الحطب، وثوابَ المؤمن كَلفِّ الجوهرة في الحرير؛ كلّ منهما يقتضي ۴
1.نهج البلاغة ، ص ۴۷۶ ، الحكمة ۴۲ .
2.نهج البلاغة ، ص ۴۷۶ ، ذيل الحكمة ۴۲ .
3.تفسير البيضاوي ، ج ۱ ، ص ۵۸۶ ذيل الآية : «رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ» .
4.في «ج»: «مقتض».