495
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

الاستطاعة» ـ على بطلان كلّ من الجبر والتفويض بالمعنى الذي نذكره بُعيدَ هذا عند قوله عليه السلام : «ولم يملِّك مفوِّضا» أوثَقُ بأحاديثهم عليهم السلام في تفسير هذه اللفظة بالمفوّضة منّا بكلام هؤلاء المشهورين في تفسيرها بالجبريّة، وإن كانت الأحاديث أخبار آحاد نرى هؤلاء المشهورين قد خالفوا من هو أقدم منهم من أصحابنا كالمصنّف، من تصريحاته أنّه قال: «باب الجبر والقدر، والأمر بين الأمرين».
وعليّ بن إبراهيم بن هاشم قال في مقدّمات تفسير القرآن:
وأمّا الردّ على المعتزلة فإنّ الردّ في القرآن عليهم كثير؛ وذلك أنّ المعتزلة قالوا: نحن نخلق أفعالنا، وليس للّه فيها صنع ولا مشيئة ولا إرادة، ويكون ما شاء إبليس، ولا يكون ما شاء اللّه . انتهى. ۱
والفضل بن شاذان قال في كتاب الإيضاح كما قال عليّ بن إبراهيم ۲ ، وقد عدّ أصحاب كتب الرجال من كتب هشام بن الحكم كتابَ الجبر والقدر، وكتابَ الردّ على المعتزلة ۳ ، وأمثال ذلك كثيرة.
ونرى من ذكرتم من المشهورين لم يستندوا في تفسيرها بالجبريّة إلّا إلى اُمور:
الأوّل: تصريح هذا الحديث به، وهو مبنيّ على عطف الأوصاف الأربعة أو بعضها على «إخوان».
فالجواب: أنّهم إن رضوا فيه رأسا برأس كان خيرا لهم، وإنّما جرّهم إلى ذلك قلّة مبالاتهم بأحاديث الاُصول، والتأمّل في معانيها، وفي المراد بالتفويض، وفي المراد بالواسطة بين الجبر والتفويض، ولذا قال بعضهم: إنّ هذا حديث الأصبغ ۴ إنّما حديث الأصبغ قول أمير المؤمنين عليه السلام : «ألا إنّ القدر سرٌّ من سرّ اللّه ، وسترٌ من ستر اللّه » إلى آخر

1.تفسير القمّي ، ج ۱ ، ۲۳ .

2.الإيضاح ، ص ۶ و ۷ .

3.رجال النجاشي ، ص ۴۳۳ ، الرقم ۱۱۶۴ .

4.في حاشية «أ» : «العلّامة في شرح التجريد (منه)» . كشف المراد ، ص ۴۳۳ ، وفي طبعة الزنجاني ، ص ۳۴۱ ، وفي طبعة السبحاني ، ص ۸۸ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
494

على «إخوان»، فتكون الأوصاف الأربعة، أو بعضها أوصافا للجبريّة، موافقة لكلام محقّقي ۱ مشهوري أصحابنا المتكلِّمين في تفسير القدريّة بالجبريّة، وتصحيح مذهب المعتزلة؟
قلت: لاُمور:
الأوّل: أنّه لو ۲ كانت هي أو بعضها معطوفة على «إخوان» صار المعطوف عليه أبعد ولو باعتبار الابتداء فقط.
الثاني: أنّه حينئذٍ يصير ذو الفاصلة المعطوف أقصر من ذي الفاصلة المعطوف عليه، وهو خلاف الأولى ما لم تدع إليه ضرورة.
الثالث ـ وهو العمدة لفظا ـ : تعرّضه عليه السلام في الاستئناف البياني في قوله: «إنّ اللّه تبارك وتعالى» إلى آخره، لإبطال مذهب المفوّضة أيضا متوسّطا بين إبطال زعم الجبريّة وإبطال ظنّ عَبَدة الأوثان. وهذا تصريح بأنّ المراد بالقدريّة ونحوها هنا المفوّضة، وأنّ إبطال التفويض ليس استطرادا.
الرابع ـ وهو العمدة معنى ـ : كثرة الأحاديث عن أهل البيت عليهم السلام في ذمّ المفوّضة المكذّبين بقدر اللّه في فعل العبد، وأنّهم هم القدريّة ومجوس هذه الاُمّة، يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في «باب اُصول الكفر وأركانه»: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «خمسة لَعَنْتُهُم وكلُّ نبيٍّ مجاب: الزائدُ في كتاب اللّه ، والتارك لسنّتي، والمكذِّب بقدر اللّه » الحديث. ۳ وفي «كتاب الحجّة» في «باب ما أمر النبيّ صلى الله عليه و آله بالنصيحة لأئمّة المسلمين»: «قدريّ يقول: لا يكون ما شاء اللّه عزّ وجلّ، ويكون ما شاء إبليس» الحديث. ۴ وأمثال ذلك كثيرة.
ونحن بعد ما دلّنا البراهين العقليّة والنقليّة ـ التي سنذكرها في شرح ثاني «باب

1.في «ج» : - «محققي» .

2.في «ج» : «أو» .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۹۳ ، ح ۱۴ .

4.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۰۳ ، ح ۲ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80488
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي