497
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

عليّ عليهماالسلام عليه، ويجيء في «كتاب الحجّ» في أوّل «باب ابتلاء الخلق واختبارهم بالكعبة» أنّ ابن أبي العوجاء كان من تلامذة الحسن البصري، فانحرف عن التوحيد، فقيل له: تركت مذهب صاحبك، ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ فقال: إنّ صاحبي كان مخلّطا، كان يقول طورا بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه. انتهى. ۱ فلا يعبأ بنقله واستنباطه؛ إذ هو خبيث جمع بين خُبثَين: التصوّف، والاعتزال.
الثالث: أنّ الشيء إنّما ينسب إليه مصدّقه لا مكذّبه، والمعتزلة جاحدون لقدر اللّه ، وهو مبنيّ على أنّ من يفسّرها بالمفوّضة يقول: مفهوم القدريّة مكذّبوا قدر اللّه .
فالجواب: أنّ وجه تسميتهم بالقدريّة أنّهم لمّا قالوا: إنّه ليس للّه قدر أصلاً في أفعالنا في وقتِ إقدارنا عليها، نسبوا جميع القدر فيها إلى أنفسهم، فنسبوا إلى ما نسبوه بالكلّيّة إلى أنفسهم.
إن قلت: يجيء في «كتاب الحجّة» في «باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة» عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنّه قال لهشام بن سالم: «لا إلى المرجئة، ولا إلى القدريّة، ولا إلى الزيديّة، ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج، إليَّ إليَّ» الحديث. ۲ وظاهر المقابلة أنّ القدريّة غير المعتزلة.
قلت: هذا في جواب كلام هشام وعلى طبقه، وتوجيه كلامه أنّ للمعتزلة قواعدَ قد شاركهم في كلّ منها جمع من غيرهم، وأخصّ قواعدهم بهم هي التي سُمّوا بسببها معتزلةً، وهي القول بالوعيد؛ أي أنّ صاحب كبيرة بلا توبة خارج عن الإيمان ومخلّد في النار، وبها اعتزل واصل بن عطاء مع جماعة عن مجلس استاذه الحسن البصري، فقال الحسن: اعتزل عنّا واصل. ۳ واستعمال لفظ المعتزلة في كلامه باعتبار هذه القاعدة، فكأنّه قال: ولا إلى الوعيديّة؛ فمقابلهم هنا المرجئة لا القدريّة، فإنّ مذهب

1.الكافي، ج ۴، ص ۱۹۷، ح ۱.

2.الكافي، ج ۱، ص ۳۵۲، ح ۷.

3.الوافي بالوفيات ، ج ۲۷ ، ص ۲۴۵ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
496

الحديث المرويّ في كتاب التوحيد لابن بابويه. ۱
وقال بعضهم في بيان الجبر والتفويض: والواسطة ـ الذي ينظر إلى أسباب الأوّل، ويعلم أنّها ليست بقدرة العبد ولا بإرادته ـ يحكم بالجبر، وهو غير صحيح مطلقا؛ لأنّ السبب القريب للفعل هو قدرته وإرادته، والذي ينظر إلى السبب القريب ينظر بالاختيار، وهو أيضا ليس بصحيح مطلقا؛ لأنّ الفعل لم يحصل بأسباب كلّها مقدورة ومرادة، والحقّ ما قال بعضهم: لا جبر ولا تفويض ولكن ۲ أمرٌ بين أمرين. انتهى. ۳
وقد أبطلنا مبنى هذا في حواشينا على عدّة الاُصول، وبيّنّا أنّه قول بالجبر والتفويض معا، وسننقل في حادي عشر الباب ما قال بعضهم أيضا في معنى التفويض والواسطة.
الثاني: ما روي عن الحسن عن حذيفة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «لُعنت القدريّة والمرجئة على لسان سبعين نبيّا» قال: قيل: ومَن القدريّة يارسول اللّه ؟ قال: «قومٌ يزعمون أنّ اللّه قدّر عليهم المعاصي وعذّبهم عليها». ۴
وعن الحسن أنّ اللّه تعالى بعث محمّدا صلى الله عليه و آله إلى العرب وهم قدريّة مجبّرة يحمّلون ذنوبهم على اللّه ، وتصديقه في قول اللّه تعالى: «وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ» . ۵ انتهى. ۶
فالجواب: أنّ الحسن البصري سامريّ هذه الاُمّة كما نقله الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام ، ۷ ويجيء في ثاني «باب الاستطاعة» طعن الحسن بن

1.التوحيد ، ص ۳۸۳ ، بيانه في تفسير الأجل ، ح ۳۲ .

2.في «أ» : «ولكنّه» .

3.حكاه صدر الدين الشيرازي في الحكمة المتعالية ، ج ۸ ، ص ۳۳۱ عن المحقّق الطوسي في شرح رسالة العلم ، بتفاوت يسير .

4.الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، ص ۳۴۴ ؛ وعنه في البحار ، ج ۵ ، ص ۴۷ ، ح ۷۳ ؛ متشابه القرآن لابن شهر آشوب ، ج ۱ ، ص ۲۰۲ ؛ الصراط المستقيم ، ج ۱ ، ص ۳۹ .

5.الأعراف (۷) : ۲۸ .

6.الكشّاف ، ج ۲ ، ص ۷۵ .

7.الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۲۵۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80435
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي